مسؤول أميركي: روسيا قد تسيطر على لوهانسك بالكامل خلال الأسابيع المقبلة

قضايا عربية ودولية 2022/06/16
...

 دان لاموث وكلير باركر 
 ترجمة - أنيس الصفار    
توقعَ مسؤول أميركي كبير في وزارة الدفاع أن تتمكن روسيا من فرض سيطرتها على منطقة لوهانسك الأوكرانية بأكملها في غضون الأسابيع القليلة المقبلة نظراً للإصابات الكبيرة التي تتكبدها القوات الأوكرانية وتدني مخزوناتها من الذخائر.
مثل هذا التحرك سوف يجرد روسيا من أهدافها الحربية المتمثلة بالسيطرة على كامل لوهانسك ودونتسك اللتين تشكلان معاً منطقة الدونباس في شرق أوكرانيا، لكنه مع هذا يعد بمثابة نصر بالنسبة للقوات الروسية كما سيؤسس بحكم الأمر الواقع خط جبهة جديد قد يستمر لبعض الوقت.
 
أضاف المسؤول الأميركي، الذي تحدث مشترطاً عدم الكشف عن اسمه بسبب حساسية الموضوع، أن مدينتي «سيفيرودونتسك» و»ليسيتشانسك» الأوكرانيتين في منطقة لوهانسك تتعرضان بشكل متزايد لضغط قاهر وقد تنتهيان بالسقوط في يد القوات الروسية في ظرف أسبوع.
يوم السبت الماضي تواصل قتال الشوارع في «سيفيرودونتسك»، وهي مدينة ستراتيجية تقع بالقرب من نهر دونيتز، وقد أبلغ عمدتها «الكساندر سترايوك» قناة «بي بي سي» أن القوات الأوكرانية لا تزال مسيطرة على ثلث المدينة.
تفيد أحدث التقارير الاستخبارية الواردة من وزارة الدفاع البريطانية بأن القوات الروسية لم تنجح في إحراز مزيد من التقدم جنوب المدينة لغاية يوم الجمعة 10 حزيران، وتضيف الوزارة أن تلك القوات تجمع بين قوة نيران المدفعية والضربات الجوية لقهر الدفاعات الأوكرانية، وقد دعت أوكرانيا إلى التعجيل بتزويد قواتها، التي تواجه تفوقاً تسليحياً، بشحنات من الأسلحة الغربية على وجه السرعة.
يقول المسؤول الدفاعي الأميركي: إن التقدم الروسي مستمر بالتصاعد التدريجي بوجه عام مقابل ثمن باهظ في صفوف قواته من حيث القتلى والجرحى.
أما القوات الأوكرانية فإنها تخوض بفعالية «حرباً دفاعية متحركة»، فكلما ضغطت القوات الروسية محاولة التقدم بعملية هجومية تقهقرت القوات الأوكرانية أمامها ثم لا تلبث أن تثب إلى الأمام مستعيدة الأرض التي فقدتها.
يقول المسؤول الأميركي: «الأوكرانيون يحسنون الأداء حقاً هنا.»
وأعلن مجلس مدينة «خيرسون» في منشور على موقع فيسبوك أن القوات الأوكرانية قد تمكنت من شق طريقها قدماً بهجوم مقابل في منطقة «خيرسون» في الأسبوع الماضي مستعيدة السيطرة الكاملة على قرية «تافريسكي»، ولم يتوفر ما يؤكد صحة هذا الادعاء من مصدر مستقل.
في الأسبوع الماضي أيضاً صرح «أوليكسي اريستوفيتش»، وهو المستشار العسكري للرئيس الأوكراني «فلودومير زيلنسكي»، أن عدد الجنود الأوكرانيين الذين قتلوا منذ بدء الغزو الروسي قد قارب 10 آلاف جندي، وأن ما لا يقل عن 200 إلى 300 جندي آخرين يقتلون كل يوم، ولكن روسيا حسب إدعائه قد تكبدت خسائر أفدح من ذلك منذ شهر شباط. ولا يمكن التحقق من صحة هذه الأرقام أيضاً.
في يوم السبت 11 حزيران قال زيلنسكي: أن «الوقت فات» على محاولة اقناع روسيا بإنهاء غزوها، ودعا العالم إلى التخلي عن أساليب التسوية مع موسكو واتخاذ إجراءات أقوى ضدها.
وجاءت تعليقات زيلنسكي التي بثت عبر الفيديو في مؤتمر «شانغريلا» للحوار، وهو مؤتمر قمة أمني سنوي يعقد في سنغافورة، بعد أسبوع من اشعال الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» مشاعر السخط في أوكرانيا ولدى الحلفاء الأوروبيين الشرقيين حين قال: إن من الأهمية بمكان تجنب «إذلال» روسيا للابقاء على خيار الحل الدبلوماسي للصراع مفتوحاً.
بيد أن باريس عادت، وفقاً لوكالة رويترز، إلى احتواء الأضرار التي سببتها تصريحات ماكرون حيث أخبر مسؤول رئاسي مراسلي الوكالات بأن فرنسا تريد لأوكرانيا الانتصار وأنها ليست مستعدة لتقديم تنازلات إلى روسيا. 
في الأسبوع الماضي توجهت رئيسة المفوضية الأوروبية «أورسولا فوندرلاين» إلى كييف في زيارة غير معلنة وكان المتوقع أن تناقش مع زيلنسكي رغبة أوكرانيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وتأمل أوكرانيا حالياً في الحصول على وضع «عضو مرشح» وهي خطوة مبكرة على الطريق، الذي يكون طويلاً عادة، لنيل عضوية الاتحاد الأوروبي. ومن المنتظر أن تقدم المفوضية توصياتها بشأن وضع أوكرانيا خلال الأسبوع الحالي.
تقول رئيسة البرلمان الأوروبي «روبرتا متسولا»: إن الهيئة التشريعية للتكتل تقر مطلب أوكرانيا. لكن ثمة خلافات أخذت بالظهور بين دول أوروبا الوسطى ودول البلطيق من جهة، وهي الجانب المؤيد لسرعة التحرك بشأن ترشيح أوكرانيا، ودول أوروبا الغربية من جهة أخرى الأكثر احجاماً إزاء التعجيل بالعملية لدولة ذات تاريخ بالفساد. يقول بعض الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي: إن عضوية أوكرانيا قد تكون على مبعدة عقود.
في نهاية الأسبوع الماضي ظهر إلى السطح توتر نادر الحدوث بين الولايات المتحدة وأوكرانيا حين قال الرئيس بايدن: إن زيلنسكي «لم يكن مستعداً للاصغاء» على حد تعبيره عندما حذر المسؤولون في المخابرات الأميركية قبل عملية الغزو في 24 شباط من هجوم روسي قريب.
وكان الرئيس بايدن حينها يتحدث عن التزام الولايات المتحدة تجاه أوكرانيا في مناسبة أقامها الديمقراطيون في لوس انجلوس لجمع التبرعات. وأضاف بايدن: «لم يحدث شيء مثل هذا منذ الحرب العالمية الثانية.»
واحتج المسؤولون الأوكرانيون على إشارات بايدن بأن تحذيرات إدارته قد وقعت على آذان صماء في كييف، وصرح «ميخايلو بودولياك» مستشار زيلنسكي لموقع «ليغا» الإخباري الأوكراني بأن أوكرانيا كانت على علم بأن روسيا تخطط للغزو ولكن عدم اليقين بقي أعلى من توقعات الهجوم.
أما البيت الأبيض فقد امتنع عن التعليق.
خلال ذلك يستمر القلق بالتصاعد ازاء انعكاسات الصراع على الأمن الغذائي في العالم، حيث اتهم وزير الزراعة الألماني روسيا باستخدام التجويع كسلاح. وقال «جيم أوزدمير» في برنامج تلفزيوني: إن ممارسة هذا الأسلوب في الحرب «مثير للاشمئزاز»، على حد تعبيره. لكن موسكو لا تزال مستمرة في فرض الحصار على موانئ أوكرانيا المطلة على البحر الأسود ومنع تصدير ملايين الأطنان من الحبوب إلى مختلف بلدان العالم.
في غضون ذلك، وفي مدينة «خيرسون» التي تخضع للسيطرة الروسية، جرى تسليم 23 جواز سفر روسي إلى مواطنين أوكرانيين في احتفال خاص، حيث قدمت السلطة التي نصبها الكرملين جوازات السفر بشكل عاجل إلى مواطني منطقة «خيرسون» والانحاء الأخرى التي تسيطر عليها روسيا من منطقة «زابوريجييه».
يشعر المسؤولون الأوكرانيون والغربيون بالقلق من نوايا موسكو لضم المناطق التي احتلتها. فعلى مدى السنتين الأخيرتين كانت روسيا تمنح جوازات السفر للأوكرانيين المقيمين في الأجزاء التي يسيطر عليها الانفصاليون في شرق أوكرانيا، وهي محاولة لا تخفى لاصطناع الظروف المبررة لعملية الغزو.  كذلك أقدمت روسيا على اتخاذ عدد من الإجراءات الأخرى لفرض سيطرتها الإدارية والثقافية على المناطق الأوكرانية التي احتلتها، حيث يفيد موقع «سترانا» الأوكراني للانباء الموالي لموسكو بأن المسؤولين الروس يخططون لتدريب المعلمين في مناطق شرق أوكرانيا على تطبيق المناهج الدراسية الروسية، كما أن سلطات الاحتلال في «ماريوبول»، وهي المدينة الجنوبية التي سيطرت عليها القوات الروسية بمينائها في الشهر الماضي، قد باشرت توزيع الكتب الروسية في المدارس، كما قال «بيترو اندريوشنكو» مستشار عمدة «ماريوبول» في منشور له على موقع «تلغرام» في الأسبوع الماضي.
بيد أن سلطات الاحتلال لا تزال تعاني من أجل توفير الخدمات الأساسية، بما فيها الرعاية الصحية، وفقاً لتقرير حديث صادر عن «معهد دراسات الحرب» الذي مقره واشنطن.  
 
* عن صحيفة واشنطن بوست