بيروت : جبار عودة الخطاط
بانتظار خميس الاستشارات القادم تعكف القوى السياسيَّة في لبنان على تقييم خياراتها في تسمية رئيس الحكومة المكلف، فيما تبدو هذه الاستشارات أنها الأكثر ضبابيَّة وتعقيداً إذ جرت العادة بأن يصار إلى التوافق أولاً على الاسم المراد تسميته والذي غالباً ما يكون يتمتع بثقل حزبي وشعبي، الأمر اختلف الآن بعد قرار زعيم تيار المستقبل سعد الحريري بالعزوف عن الحياة السياسية وبدت الخيارات ملتبسة وإن كان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي هو الأقرب للظفر بصولجان التكليف للحكومة التي ستنتظرها ملفات شائكة جداً.
والجديد في بورصة الأسماء المرشحة هو دخول وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام على خط التكليف، بينما يرى مراقبون أنَّ هذا الترشيح لا يمتلك الحظوظ التي تؤهله، وبذا فإنَّ لائحة الأسماء التي تقف في ساحة الترشيح في الجهة المقابلة للرئيس ميقاتي ارتفع عددها في مؤشر على حجم التشظي الذي يؤطر الجبهة المعارضة التي لم تفلح في توحيد خيارها حتى الآن، وأكد الوزير سلام استعداده لتولّي منصب رئاسة الحكومة، لافتاً إلى أنّه على تواصل مع العديد من الكتل، يضيف سلام في حديث تلفازي أمس الاثنين "أنا مستعد لتحمّل أي مسؤولية في خدمة وطني ومستعد لرئاسة الحكومة ومنفتح على كلّ الخيارات"، مشيراً إلى أنَّ "هناك تواصلاً مع سياسيين من كتل عدّة مختلفة بخصوص تسميتي لرئاسة الحكومة وبنيت جسور تواصل مع الجميع"، في السياق يحاول كل من الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات اللبنانية تذليل نقاط الخلاف بينهما في مقاربة الملف الحكومي في مسعى لبلورة تفاهم حيال الاسم المناسب لرئاسة الحكومة، فيما أعربت مصادر أمس الاثنين عن أن يكون تكليف رئيس الحكومة المقبل كأن يكون ميقاتي أو غيره يدخل في دوامة تعطيل طويل ومزعج من دون تأليف جراء التقاطعات السياسية بين الفرقاء، عضو كتلة اللّقاء الدّيمقراطي النّائب بلال عبدالله أكد أنّه "ليس لدينا ترف الوقت بملف تشكيل الحكومة ونحن نلعب على حافّة الهاوية، وكان يجب القيام بالاستشارات النيابية الملزمة الأمس قبل اليوم، وأي تأجيل يجب ألا يحصل"، مبيّنًا "أنّنا ما زلنا في طور المشاورات المفتوحة مع جميع القوى السّياسيّة، ولدينا قاسم مشترك مع حزب "القوات اللبنانية" بملف التّشكيل، كما تشاورنا مع رئيس مجلس النوّاب نبيه بري بهذا الموضوع". وجواباً عن التساؤل بمدى ذهاب الاشتراكي والقوات باسم واحد لرئاسة الحكومة، إلى الاستشارات، أوضح أنّه "ليس بالضّرورة"، وتابع "أنّنا نقارب ملف الحكومة بحسب البرنامج، لا بحسب الشّخص. لسنا راضين بالكامل عن إنتاجيّة حكومة نجيب ميقاتي، ولدينا عدّة ملاحظات على الملفّات الإصلاحيّة الرّئيسة"، لافتًا إلى أنَّ "موضوع الاسم الّذي سنختاره خاضع للنّقاش الدّاخلي، والسّاحة مليئة بالأسماء ونحن نتداول بها، والقرار يؤخذ بالوقت المناسب. بالنّسبة لنا، الأولويّة من يمكنه معالجة مشكلاتنا الاقتصاديّة الاجتماعيّة بهذه المرحلة". وشدد عبد الله على أنَّ "القانون الانتخابي مريض، وآن الأوان لتعديله أو تغييره، مع مراعاة هواجس الجميع. يجب القيام بمقاربة نقديّة بنّاءة للقانون"، مشيرًا إلى أنَّ "هناك نقاطاً كثيرةً في الدستور اللبناني بحاجة إلى تعديل، والبعض يحتكم للدّستور إذا كان يتناسب مع مصالحه، ويطعن به إذا لم يكن يتناسب معها". أما النّائب عن التيار العوني جورج عطا الله فرأى أنَّ "قانون الانتخابات فيه نواقص، ولا مانع من بحث تطويره، أو الذّهاب إلى قانون أفضل منه في حال وُجد"، مبيّناً أنَّ "الدستور اللبناني هو ولّاد مشكلات أكثر منه حلّال أزمات"، إضافة إلى أننا "كنّا قد تقدّمنا سابقاً باقتراح قانون يقضي بتحديد مهلة لرئيس الجمهوريّة للدّعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة، ومهلة لرئيس الحكومة المكلّف للتّأليف، لكنّه لم يُقرّ"، متمنّياً "عدم تأجيل الاستشارات". وأوضح "أنّنا لم نضع شروطاً على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وإذا كان يعتبر أنّه حصلت اتّصالات أو إيحاءات بأنّنا نريد وزارة معيّنة أو شروطاً ما، فليقل ذلك علناً"، ولفت عطا الله إلى أنَّ "التّشاور بين الفرقاء السّياسيّين قبل التّكليف، ليس مذمّةً"، مؤكّداً "أنّنا لم نتداول بعد بأسماء مرشّحين لرئاسة الحكومة، وهذا الأسبوع ستتبلور جملة اتّصالات وأوضاع معيّنة، في ضوئها سنتّخذ القرار". وشرح أنَّ "الموانع الأساسيّة الّتي دفعتنا للقول إنّنا لن نسمّي ميقاتي، هي موانع متعلّقة بطريقة العمل والمشروع. فعلى سبيل المثال بموضوع خطة التعافي، أتت هذه الحكومة لوضع ثقل أساسي في الخطّة، لكنّنا ما زلنا نتخبّط مكاننا"، بدوره النائب المستقل ملحم خلف أشار إلى "أننا نبحث في إمكان التوجه معاً للاستشارات النيابية في قصر بعبدا، والنواب الـ13 ليسوا كتلة إنما تكتل صلب جداً، ونعمل على اسم رئيس الحكومة الذي سنسميه ونحن في اجتماعات مفتوحة"، مؤكداً أنه "عندما يكون الخيار بين وحدة التكتل التغييري وأي منصب مهما كان نختار وحدة التكتل، وهذا ما حصل في موضوع نيابة رئاسة مجلس النواب"، لافتاً إلى أنه "بالنسبة لنا وضعنا معايير نقارب على أساسها الاسم الذي من الممكن أن نطرحه لرئاسة الحكومة".