كتب يقرأها أصحابها.. فقط!

الصفحة الاخيرة 2022/06/22
...

زيد الحلي 
 
في كروب على "الواتساب"، ضم مجموعة محدودة من الزملاء، أنا أحدهم، تساءل أحد الأعضاء عن ظاهرة شيوع "تأليف" الكتب، وأشار إلى أحد أبطال هذه الظاهرة، الذي أصدر في وقت قصير 40 كتاباً، وآخر أصدر مئة كتاب في مدة وجيزة، وفي إشارة تميل إلى السخرية، قال العضو وهو اسم شهير وكاتب معروف (آني لو أجمع مقالاتي ودراساتي بالعباس تصير مو أقل من 16 كتاباً.. لكن من يقرأها.. شنو تأثيرها على الفكر والثقافة؟).
لقد وضع زميلي يده على جرح "ثقافي" غائر يحمل بين جنباته واقعاً مأساوياً، لا يمكن التكهن بنتائجه المستقبلية، وشخصياً، كنتُ أعيش فرحاً تمثله كثرة الإصدارات العراقية، فالغبطة تغمرني، غير أن هذا الفرح تحول عندي لاحقاً إلى غم ونكوص، فمعظم تلك الإصدارات يمكن أن نطلق عليها عنوان "إصدار شخصي" لا قراء له، والهدف منه 
وجاهي.
 ملاحظة زميلي دفعتني، إلى الاتصال بعدد من المطابع وأصحاب المكتبات لمعرفة الحقيقة المؤكدة، فذهلتُ حين عرفت أن النسبة الكبرى من تلك الإصدارات مرمية في سراديب ومخازن تلك المطابع ودور النشر والمكتبات، وحين سألتُ المعنيين، قالوا بتندر، نتيجة خبرتهم، إن المؤلف العراقي يدفع ثمن الطبع ولا يهمه توزيع وكمية ما يطبع، والذي يهمه ويستقتل من أجله فقط هو حصوله على مئة نسخة من كتابه بهدف التباهي به من خلال الإهداءات وتوكيد الذات أمام من يريد، والسعي لشغل حيز في هذا البرنامج التلفزيوني أو ذاك الإذاعي ليكون ضيفه، ووضع اسمه على لائحة الاستضافة في أحد المنتديات في بغداد والمحافظات.
بالمختصر أقول: لو استمر الحال على ما هو عليه الآن، دون تدخل جهة معينة، كأن تكون لجنة مشهود بكفاءة من يمثلها منبثقة عن الاتحاد العام للأدباء في العراق لها صلاحية قرار نشر الكتب من عدمها، فإن واقعنا الثقافي سيدخل، إن لم يكن دخل فعلاً في نفق لا نهاية له، نتيجة خلق أوهام ثقافية وتقديم أسماء لا تتمتع بجذور  معرفية. 
سؤال بريء: هل يعرف هواة إصدار الكتب، إن الدكتورعلي الوردي أصدر أثناء حياته 8 كتب فقط!.