بيروت: جبار عودة الخطاط
وقف مراسل جريدة "الصباح" في الطابور الطويل أمام أحد الأفران الرئيسة في الضاحية الجنوبية لبيروت صباح أمس الثلاثاء ممنياً النفس بالحصول على "ربطة خبز" بعد انقطاع منذ نحو خمسة أيام، وبعد انتظار ممل وصل دوره ليتفاجأ بقول موظفة الفرن بما يشبه المطرقة على رأسه:
" عفواً حاج ماعدش في خبز، خلص"! ليغادر الفرن ومعه العديد من اللبنانيين بخفي حنين بينما انخرط الكثير منهم في حفلة سباب ساخطة بعد أن تملكهم إحباط كبير.
هذا المنظر صار مألوفاً في بلد صارت فيه الأزمات قوتاً يومياً.. أزمات حادة لم تترك قطاعاً حياتياً إلاّ طرقت بابه لتترك بصمتها الثقيلة عليه ومنها نفاد الطحين في الأفران وانقطاع الخبز وفقدان أدوية السرطان وعودة طوابير السيارات على محطات تعبئة الوقود والتقنين الكهربائي شبه التام وانقطاع مياه الشرب وغرق الشوارع بالنفايات وغيرها.. قال مواطنون لـ"الصباح": "برغم وجود صعوبات حقيقية في كل المجالات إلاّ أن ما نشهده من نزيف أزمات يومية هو أمر مفتعل، وللأسف فإن التجار شأنهم شأن الساسة ينخرطون في هذه اللعبة من أجل زيادة أرباحهم الجهنمية على حساب المواطن المسكين"، رئيس اتحاد نقابات المخابز والأفران علي إبراهيم، رد على ذلك بقوله: إنّ "اتهام الأفران بافتعال أزمة مرفوض، ومن يسهم في الاحتكار وهدر المال العام يجب محاسبته وتوقيفه"، مشيرًا إلى أنّ "المسؤولية الكبرى تكمن بتأمين كمية كافية من القمح"، وأضاف إبراهيم أنّ "لبنان معرّض للاهتزاز في أي وقت، وأصبح من الضروري تأمين مخزون استراتيجي"، مشدداً على أنّ "معظم الأفران لا طحين لديها، لأنّ المطاحن العاملة لا تكفي اليوم لتلبية حاجات البلد". وتعيش مختلف مناطق لبنان منذ عدة أيام أزمة خبز حادة ولجأ الناس إلى الخبز المرقوق والمناقيش التي تجاوز فيها سعر منقوشة الزعتر الـ 15 ألف ليرة بعد أن كانت لا تتجاوز سعر الـ 750 ليرة فقط. يقول المعنيون إنّ الشّركات الموزّعة للخبز لم تزوّد البلدات بالخبز، جراء نفاد الطحين في الأفران ، كما أن ارتفاع سعر البانزين ترك أثره السلبي في عملية توزيع الخبز من قبل السيارات الخاصة بذلك، إلى ذلك
حذر رئيس اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في النبطية حسين وهبي مغربل، من ثورة جياع، قائلا: "إننا وصلنا الى آخر معقل للفقراء ألا وهو رغيف الخبز، ولا يجوز تحت أي ابتزاز سياسي أو غير سياسي جعل رغيف الخبز مادة للتجاذب، لأن ثورة الرغيف إذا ما انطلقت فقد لا تبقي ولا تذر ولن يسلم منها أحد"، وأضاف مغبربل "على الجميع في مصرف لبنان الإقلاع عن التلاعب بالاعتمادات، وما حذرنا منه يزداد ضغطا على الناس"، لافتاً إلى "أننا نطالب الجميع بالقيام بواجباتهم الأخلاقية قبل كل شيء، وتأمين الاعتمادات اللازمة للقمح والطحين، وعدم ربطها بأي بازار سياسي آخر مهما كان نوعه"، في غضون ذلك أعلنت نقابة عمال المخابز في بيروت وجبل لبنان، في بيان لها أن "وفدًا منها برئاسة رئيس النقابة شحادة المصري وعضوية أمين سر نقابة عمال الأفران في صيدا والجنوب النقابي أحمد مستو، زار أمس وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم، وتداول معه "أوضاع عمال المخابز والأفران ومعاناتهم في هذه الظروف الاقتصادية والمعيشة الصعبة"، وسلّم الوفد الوزير مذكرة بمطالب العمال وحرمانهم حقوقهم، ومعاناتهم ومطالبهم المشروعة التي نصت عليها القوانين المرعية، وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية التي أقرتها عشرات التوصيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية.وطالبت المذكرة بـ"تسجيل جميع عمال المخابز والأفران في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من دون استثناء بالأجر الفعلي وعدم المس بالتعويضات العائلية"، وأشارت إلى الكشف عن, "الأفران المخالفة والمقفلة والكشف عن العمال الوهميين المصرح عنهم في الأفران"، وختمت المذكرة, "بتنظيم قطاع الأفران عبر تأليف لجنة برعاية معالي وزير العمل من ذوي الخبرة والكفاية لدرس الوضع بصورة شاملة تمهيدا لإصدار القرارات والمراسيم التي من شأنها تنظيم العلاقة التعاقدية والقانونية بين العمال وأصحاب العمل".