الكويت: وكالات
تشهد الكويت منذ سنوات أزمات سياسية متكررة، وصداماً دائماً بين مجلس الأمة (البرلمان) وأطراف من الحكومة وشخصيات من الأسرة الحاكمة، وزادت حدة التوتر مؤخراً على وقع استقالة الحكومة، وتبعها قرار حل البرلمان.
وأعلن ولي العهد الكويتي، مشعل الأحمد الجابر الصباح، يوم الأربعاء الماضي، حل مجلس الأمة، والدعوة إلى انتخابات عامة، في ظل استمرار الأزمة السياسية القائمة في البلاد.
وقال في كلمة متلفزة: "لقد قررنا الاحتكام إلى الدستور واستناداً إلى حقنا الدستوري المنصوص عليه في المادة 107 أن نحل مجلس الأمة حلاً دستورياً والدعوة إلى انتخابات عامة وفقاً للإجراءات والمواعيد والضوابط الدستورية والقانونية".
وأثارت الأزمات السياسية العاصفة في الكويت، تساؤلات عدة بشأن ماهيتها، والأسباب الحقيقية خلفها، وإمكانية دخول الكويت في مرحلة من عدم الاستقرار السياسي تشهد فيه استقالة حكومات جديدة وحل البرلمان مرة أخرى.
واعتبر المحلل السياسي الكويتي، عبد العزيز سلطان، أن سبب حالة عدم الاستقرار السياسي التي تعيش فيها الكويت، يعود لعام 2012، عندما أقر أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر مرسوم "الصوت الواحد"، والذي استهدف تعديل قانون الأصوات الأربعة، حيث نص التعديل على أن يكون لكل ناخب حق الإدلاء بصوت واحد في دائرته بدلاً من 4 أصوات، وتقليص عدد الدوائر من 10 إلى 5 دوائر.
وبحسب حديثه لـوكالة "سبوتنيك" الروسية، جاء التعديل بقوة القانون، نتيجة لقوة المعارضة وسيطرتها على مجالس الأمة التي سبقت القانون، في 2008 و2009 و2012، ما دفع أمير الكويت لإرجاء هذا التعديل، وهو ما ترتب عليه اعتراض المعارضة والخروج في تظاهرات، وأفرزت سلبيات واضطرابات واقتحامات لمجلس الأمة، لأن القانون أنتج مجالس نيابية قبلية وطائفية "لا تمثل الشارع الكويتي"، بحسب تعبيره. وأضاف، أن قوى المعارضة اعترضت على القانون وقاطعت انتخابات مجلس الأمة لفترتين متتاليتين، فيما قررت المشاركة في انتخابات عام 2016، بعد أن شعرت بسيطرة النواب المحسوبين على الحكومة. وتابع سلطان: "منذ 2012 وحتى الآن، ظهرت الكثير من قضايا الفساد، حيث نهبت المليارات من أموال الدولة، وهذا بفعل القانون الذي همش المعارضة وأنشأ مجلس أمة موالياً وتابعاً للحكومة وللسلطة التنفيذية". وأشار إلى أن ذلك دفع المعارضة للتحرك في انتخابات 2016، وبدؤوا في متابعة قضايا الفساد، ما أدى في النهاية إلى استقالة الحكومة، وحتى حل مجلس الأمة، مؤكدًا أن المعارضة تستهدف الفترة القادمة تعديل قانون "الصوت الواحد"، والعودة إلى قانون الأربعة أصوات أو الصوتين.
أما المشكلة الثانية – والكلام لا يزال على لسان سلطان - تعود إلى التحالف الذي كان بين رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الأمة، معتبرها "سابقة خطيرة" في تاريخ الكويت، لا سيما أن المجلس دوره المراقبة على السلطة التنفيذية، مطالباً بضرورة تسليم رئاسة مجلس الأمة للمعارضة "من أجل ضمان شفافية مراقبة الحكومة".بدوره اعتبر المحلل السياسي وخبير إدارة الأزمات الكويتي، يوسف الملا، أن المشكلة السياسية المتفاقمة في الكويت، والتي ظهرت جلية في الصراع الدائر بين الحكومة ومجلس النواب، ما أدى في النهاية لحل المجلس، جاءت نتيجة خلل كبير في ركائز الحياة السياسية بالكويت. وبحسب حديثه للوكالة الروسية، فهناك جهات في الدولة تضع يدها جيداً على أسباب هذا الخلل، والمطلوب معالجته أولاً، قبل انتخاب مجلس جديد، وتشكيل حكومة جديدة، لأنه من دون معالجة الأزمة الأساسية والخلل في الركائز ستظل الأزمات مستمرة، والصدامات موجودة، واستقالة الحكومات وحل البرلمانات.
وتابع: "الأزمة الحقيقية في هذا الصراع، أن الكل يرفع شعار الإصلاح، ويقول إن أفكاره هي الاتجاه الصحيح، وفي النهاية لا يوجد تطبيق، والمحصلة صفر، والأزمات الاقتصادية مستمرة، والفساد يزداد، ولا توجد أي حلول جذرية"، بحسب تعبيره. يعد هذا أول حل للبرلمان في عهد أمير الكويت الحالي الشيخ نواف الأحمد الصباح، الذي تولى الحكم في أيلول 2020 بعد وفاة أخيه الشيخ صباح الأحمد الصباح. وكانت آخر مرة تم حل البرلمان فيها عام 2016.
وكانت المعارضة الكويتية عزّزت موقعها في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في الخامس من كانون الأول 2020 بفوز 24 نائباً محسوباً عليها بمقاعد في مجلس الأمة المؤلف من 50 مقعداً.
وبسبب الخلافات والصدامات والاستجوابات، استقالت الحكومة الكويتية في نيسان الماضي تفادياً لتصويت مجلس الأمة الكويتي على طلب عدم التعاون مع الحكومة الذي كان مقرراً في اليوم التالي، بعد استجواب رئيس الوزراء في البرلمان.
من جانبه أشار ولي العهد الكويتي إلى أن قرار حل مجلس الأمة جاء بعدما استشعرت القيادة الكويتية أن الحكومة والبرلمان أثارا سخط المواطنين. وتابع قائلاً: "سوف يصدر مرسوم الحل والدعوة إلى الانتخابات في الأشهر القادمة بعد إعداد الترتيبات القانونية لذلك".