زيد الحلي
أشرتُ أكثر من مرة، وأشار غيري من الكتاب إلى معاناة وشكوى (العلم العراقي) الذي لم يعد قادراً على أن يرفرف في السماء، بسب الإهمال الذي طاله وهو ينتصب بخجل في أعالي أبنية الوزارات والدوائر والساحات العامة، حيث تغيرت ألوانه، واتسخت أطرافه، وفي أحايين كثيرة، نجد هذا العلم ممزقاً من دون أن يلتفت إليه مسؤول مر أمامه، فيبدو أن قلوب مسؤولينا تلبستها أكنة وأغطية، كي لا يفهموا معنى وجود "علم يمثل البلاد" ووضعوا داخل أذانهم وقراً جعلهم في عداد الصم، لا يسمعون، ووضعوا على أعينهم أكفهم حتى لا يبصروا!.
يا سادة، بغض النظر عن دواعي ومسببات تغييره في كل حقبة لاعتبارات سياسية، لكن في النهاية "العلم" ليس قطعة قماش وألواناً، إنه قيمة وكرامة، وكان وسيظل رمزاً للهوية، والمكانة، والشموخ، وينبغي أن يرتفع شاهقاً مرفرفاً ليقول للبعيد قبل القريب، ها هو "العراق" وها أنا الدال عليه، وأنا المتحدث الرسمي باسمه دونما صوت في جميع المحافل الداخلية والخارجية.
لقد هالني ما أرى في مناطق عدة في بغداد والمحافظات، لا سيما عند نقاط التفتيش المنتشرة عند تقاطعات الطرق، ومقتربات الجسور وفي مداخل المدن والأحياء، حيث أشاهد ما يستفز العين والمشاعر، أعلام العراق ممزقة ومتهرئة، تحولت ألوانها إلى السواد بسبب الأتربة والأمطار شتاءً، وهبوب رياح الصيف، تتمايل على ساريات بدائية، بعد أن وضع بعضها في حاويات معدنية (تنكات) اعتراها الصدأ بفعل عوامل التعرية!.
أكيد أن من هم بعمري، وأكثر أو أقل، حين يطالعون سطوري الآن تعود بهم الذكريات إلى سنوات الصغر، من رياض الأطفال،إذ تمت تربيتنا على أن احترام رفرفة العلم، يولد مع حبّ الوطن، لذلك يُعتبر حبه واحترامه أمراً فطريّاً ينشأ عليه المواطن، فهناك علاقة تربط العلم بالأرض التي ينمو ويدفأ في حضنها، لذلك يجب علينا أن ندافع عن "العلم" ونحميه مهما كانت الظروف بكلّ قوّة، وأن نحفظ مكانته وصورته في أذهاننا، ما أحلى طقوس أيام الخميس.. يوم "رفعة العلم"!.