حلف الناتو وعقدة الحرب

قضايا عربية ودولية 2022/06/30
...

علي حسن الفواز
 
لم يفصح اجتماع دول حلف الناتو المنعقد في مدريد عن مفاجآت، فالملفات السياسيَّة والأمنية تكررت، لاسيما الملف الأوكراني والبحث عن عقوبات جديدة على روسيا، وصولاً إلى البحث عن اتفاق أطلسي على زيادة عدد القوات الأطلسية إلى 300ألف مقاتل، مع توسيع مديات التسليح الستراتيجي، لكن المثير في هذا الاجتماع هو موافقة تركيا على انضمام فنلندا والسويد إلى الحلف، بعد أن تمَّ التعاطي الإيجابي مع مخاوفها الأمنية بشأن الإرهاب وتهديد جماعة حزب العمال الكوردستاني، والعمل على رفع الحظر عن الدعم العسكري لتركيا..
الاتفاق على تجاوز عقدة الرفض التركي كان جزءاً من صفقة أوروبية تعهدت فيها الدولتان بالامتناع عن دعم الجماعات الكردية، فضلاً عن معطيات سياسية وأمنية، أراد من خلالها الأمين العام للحلف ستولتنبرغ التأكيد على وحدة دوله، وعلى جهودها في التنسيق إزاء مايسمى بـ"الخطر الروسي" إذ تحمل عبارة "التهديدات" التي تعدد ورودها في خطب زعماء دول الحلف، كثيراً من المجازات السياسية التي تُشير إلى دولٍ بعينها، وإلى تهديداتٍ جغرافية وسياسية، ومنها مايخصّ أزمات الغذاء والطاقة، والموقف من المفاوضات النووية مع إيران..
الحضور الكثيف لثلاثين دولة من أعضاء الحلف، مع عشر دول تعيش هواجس التهديد الأمني يكشف عن معطيات الواقع المأزوم في أوروبا والعالم، لاسيما مع ارتفاع نسب التضخم في أوروبا، وإمكانية أن تُحقق روسيا نتائج عسكرية مهمة في "معركة الاستنزاف" مع أوكرانيا، وهو ماقالته الديلي تلغراف، في إشارة إلى الخوف من أنَّ توسّع تحالفات حلف الناتو في الحرب مع أوكرانيا سيكون مدخلاً للتورط في حرب بلا أغطية، وأحسب أنَّ حديث الحزمات العسكرية الداعمة لأوكرانيا كان واضحاً، وبصوتٍ عال، لاسيما مايتعلّق بالأسلحة الستراتيجية، والدعم اللوجستي في المجال العسكري والأمني والمخابراتي، وعلى نحوٍ يدفع باتجاه إعادة النظر بكثيرٍ من الملفات، ومنها ما يتعلّق بالملف الصيني وتمدد ترسانتها العسكرية، والموقف الحذر من قضية تايوان، وهونغ كونغ وغيرها، وكذلك الملف السوري وعُقده، وطبيعة التداخلات في موضوعه، وصولاً إلى خفايا ما يجري في السرّ من معلومات تتعلق بالدعوة لتشكيل "حلف ناتو عربي" وهو رهان مفضوح على القوة، وعلى الترويج للحرب كخيارٍ للسيطرة على العالم المضطرب والصاخب.