آفة المخدرات تفتك بحياة الأسرة والمجتمع

اسرة ومجتمع 2022/07/01
...

 بغداد : غيداء البياتي 
تعدى الشاب (م. ق) على حقوق أقرب الناس إليه متخطياً حدود كل شيء من أجل سعادته الشخصية، وكانت جميع أفعاله تتمحور حول كيفية الحصول على الأموال لشراء المورفين بحجة تسكين آلام جسده، بل أخذ يحتاج إلى زيادة الجرعة من وقت لآخر ليحصل على الراحة النفسية والجسدية على حسب قوله 
ويضيف: «وقعت أسيراً للمخدرات من عمر الـ «20» عاماً، وصرت أسلك جميع الطرق في سبيل الحصول على جرعة من هذه الحبوب، حتى لو كانت بطرق غير مشروعة، فقد سرقت الأموال من والدي أكثر من مرة وبالطريقة نفسها حصلت عليها من أخي الكبير، وبقيت على هذا الحال سنة كاملة دون أن يعلم أحد منهما».
يقول (م. ق) وهو يشعر بالندم «بعد أن توفيت والدتي عشت شبه وحيد في المنزل، فأخي الكبير منشغل بعمله وأسرته وأبي تزوج وأصبح هو الآخر منشغلاً بعمله وحياته، والذي زاد الطين بلة هو عدم حصولي على فرصة للعمل، او فكرة للارتباط، وكنت غالباً ما اشكو وحدتي لصديق لي وهو من جعلني أسلك هذا الطريق».
 
خوف من المجهول
 وتابع حديثه «هربت من المنزل بسبب اكتشاف أخي لإدماني على المخدرات، لا سيما بعد أن اقترح دخولي لمستشفى ابن رشد المتخصص بعلاج المدمنين، وكنت أشعر بحالة من الهيستيريا، خوفاً من الاعتقال والسجن لكن الحمد لله وبفضل أخي والكادر الطبي المتخصص في المستشفى والعناية الطبية التي حصلت عليها، استطعت أن أتعافى تدريجياً، وأعود إلى حياتي الطبيعية مستمتعاً بممارسة هواياتي». 
كانت هذه إحدى القصص التي عرضت على شاشة قاعة وزارة الصحة في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات الأسبوع الماضي وهنالك الكثير منها حسب قول عضو الجمعية العراقية للأطباء النفسيين، والمتخصص بالطب النفسي د. حيدرعبد المحسن الذي قال لـ «الصباح»  إن «آفة المخدرات والمؤثرات العقلية باتت تستهدف جميع مفاصل الدولة ومؤسساتها المجتمعية، لا سيما فئة الشباب، لذلك فإن المسؤولية الأخلاقية والمهنية تحتم علينا تنسيق الجهود والتعاون بين جميع الجهات المعنية الأمنية والقانونية والتربوية والمجتمعية، فضلاً عن الصحية من أجل حماية الأسرة العراقية خاصة والمجتمع بشكل عام من خطر هذه الآفة، ومن الأسرة نفسها تبدأ خطوة الوصول إلى بر الأمان لكل المجتمع، وذلك من خلال متابعة الأهل لأبنائهم».
 
المخدرات أخطر من الإرهاب 
المسؤولة في قسم تمكين المرأة بوزارة الصحة أمل خزعل السوداني أكدت  أن «المخدرات أكثر خطورة من الإرهاب، لأنها تعد آفة مزمنة تفتك بالمجتمعات، بينما الإرهاب يكون لفترة من الزمن، فهي دمار للأسرة والمجتمع بل وللإنسان نفسه، فعلى الجميع تقع مسؤولية المتابعة، بدءاً من الأسرة إلى المدرسة المتوسطة والإعدادية ومن ثم الجامعة، أما حالياً فالقسم يقيم وبالتعاون مع العتبات المقدسة الخاصة بجميع المذاهب دورات خاصة تركز على خطورة المخدرات، وزواج القاصرات، وباقي الأمراض وكيفية التعامل معها».
 
ستراتيجية وطنية
وعلى المستوى التحليلي والعلمي فقد أوضح نقيب الصيادلة د. مصطفى الهيتي  أن «هنالك أسباباً كثيرة أسهمت في انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات، أهمها البطالة، والإرهاب وضعف القوى الأمنية في السيطرة على المنافذ الحدودية وبصورة عامة ضعف تطبيق القانون والتوعية الصحية، ولتنبيه المجتمع وجعله أكثر حذراً من هذا الخطر لا بد للهيئة العليا للمخدرات من وضع ستراتيجية وطنية للمكافحة، ويتعاون معها المجتمع، إذ يجب أن تحصل تلك الستراتيجية على دعم قوي من قبل الأسر العراقية والمجتمع بأكمله، لأن من دون ذلك الدعم المجتمعي تفشل الستراتيجية».
الهيتي أشار بالقول «نحن نمتلك بحدود 35 ألف صيدلية في القطاعين الأهلي والحكومي، مؤهلة بشكل جيد من الممكن أن تتخذها الهيئة العليا للمخدرات كمصادر للمعلومات للتعرف على أنواع المواد المخدرة الموجودة وأنواع المرضى والمناطق التي ينتشر فيها الترويج للمخدرات، وذلك من خلال المرضى المراجعين للصيدليات وأسرهم من الذين يبحثون عن علاج لأولادهم، فبدون معلومات صحيحة لا يمكن وضع الخطة الستراتيجية، لذا فنقابة الصيادلة وبالتعاون مع الهيئة سائرة وفق هذا الإطار ونعتبر اليوم العالمي لمكافحة المخدرات نقطة انطلاق للعمل بتلك الستراتيجية».