اللواء الدكتور عدي سمير الحساني
يَتميز الإنسان عن باقي المخلوقات بالعقل هذه الجوهرة العظيمة التي ميزته عن غيره، وجعله الله مخيراً في أعماله وتصرفاته ونتيجة لاختلاف مستويات التفكير والتي تعتمد بالأساس على مقدار ثقافة الإنسان (الدينية والاجتماعية والعلمية) وأن أي موقف أو تصرف يبدر من شخص ما. هو عبارة عن إيعاز من العقل الباطن ليظهر على شكل حركة معينةأو تصرف أو كلام وغيرها من الأمور التي تظهرها حواسه.
والتي يتضح من خلالها معدن الإنسان وأخلاقه وتربيته ليبدو أنه يحمل عادات وتقاليد تمكنه من أن يكون ذات مقبولية في مجتمعه وجزءاً أساسياً تُمكنه من مشاركة من حوله في رسم السياسة العامة وصُنع القرار.
أو أن يكون على درجة من الشواذ وعدم المقبولية داخل مجتمعه (العام والخاص) لا بل حتى داخل نطاق أسرته، فالبعض عندما يكون أداة للغير ويعمل على تحقيق رغباته ونزعاته الإجرامية والشيطانية ماهي إلا طريقة من طرق تأجير العقل مقابل ثمن بخس وهي تجارة خاسرة حتماً وأشبه بتجارة الدعارة التي تفسد معها الأجساد والعقول ويرخص معها الغالي ليصل إلى حد الابتذال.
وهنا كان لابد لنا أن نركز على هذا الموضوع الذي بدأ ينمو في أوساط المجتمعات الإنسانيةوهو الإجرام المتجدد والمتحور والمتنوع والذي أخذ بالتطور المنحرف في المفهوم الإجرامي.
فبعد أن كانت للتربية والسيطرة البيتية والأسرية الدور الأكبر في تنشئة الأبناء والتي كان لها الأثر الواضح في إعداد أجيال متعلمة ومثقفة وكانت تؤثر فيهم كلمة (عيب) والتي انعدمت حالياً لدى بعض العوائل وتركوا الشارع هو من يعلم ويربي الأبناء وأصبح للكافيهات وجلسات تدخين النرگيلة ولعب الدومينو وجلسات السهر والسمر الدور البارز في إضافة مفاهيم اجتماعية جديده ناهيك عن جيل مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت هي الأب والأم والمرجع في كل شيء، وغاب الوعي والمنطق وسادت لغة الغابة حتى في نطاق العائلة الواحدة.
فمن العجب والغريب أن تسمع أن أباً يقتل أو يحرق عائلته بالكامل أو أن تسمع ابناً يقتل والده أو والدته.
والعجب كل العجب أن تشاهد فتاة لم يتجاوز عمرها 15 سنة وهي هاربة من أهلها مع عشيق فيسبوكي يتجاوز عمره الـ(50) سنة.
لعلنا اليوم على أعتاب الخطر الحقيقي لذلك راقبوا تصرفات أبنائكم وصادقوهم وكونوا قريبين منهم ولا تجعلوهم سلعة رخيصة بمتناول عشاق وهواة ومحترفي الإجرام الذين عاثوا في الأرض فساداً وأصبحوا تجاراً للعقول البشرية، بأتعس تجارة عرفها التاريخ.
لذلك نحتاج إلى وقفة جادة لتقوية الروابط العائلية والحد من حالة الفراغ الأسري الذي أسس لتنامي الفكر الإجرامي المتطرف والذي ألقى بظلاله على استقرار المجتمع وبالتالي خلق مستقبلاً ضبابياً غامضاً يستوجب معه أن نُسمي الأمور بمسمياتها من أجل استقرار وأمن مجتمعي
دائم.