النخلة الأم تلفظ أنفاسها وتهدد بفقدان المورد الثانوي للثروة

ريبورتاج 2022/07/16
...

 امير البركاوي 
 تصوير: خضير العتابي
منذ زمن ليس ببعيد احتل العراق المرتبة الأولى في مصاف البلدان المنتجة للنخيل، سواء كان في عدد أشجار النخيل الموجودة فيه أم في كمياتها المصدرة إلى خارج العراق وبمختلف الأنواع التي كانت بأصناف عالية الجودة. وما ينتجه العراق من التمور كان وما زال ثروة اقتصادية مهمة يتميز بها إلى جانب ثرواته المهمة الأخرى، ولكن في الوقت الحاضر أصبحت هذه الثروة مهددة بالتراجع في الإنتاج بسبب الإصابات المختلفة التي تصيب النخيل ومن أبرزها الحشرات المضرة، ولتسليط الضوء على هذه الأضرار الخطيرة والحلول العملية التي تحاول وزارة الزراعة العراقية أن تتخذها للحد من هذه الأخطار والقضاء على الآفات الموجودة، كان لنا هذه الوقفة.
 
 
المتضرر الأكبر
من الواضح أن المتضرر الأكبر بإصابات آفات النخيل هو المزارع كونه الشخص المسؤول عن زراعة النخيل وجني الثمار منها وعلى ضوء ذلك كانت لنا جولة ميدانية في البساتين والحقول المزروعة بهذه الأشجار التقينا خلالها مع عدد منهم، جاسم عبد داخل (50 عاماً) يقول: لقد تنوعت إصابات النخيل في البستان العائد لي، فهناك حشرات تقوم بنخر سيقان النخيل وأنواع أخرى تؤدي إلى اصفرار سعفه وهناك إصابات تختلف بين الإصابات الفطرية والبكتيرية العديدة.
أما عن عدد الإصابات الموجودة في بستانه فيقول في البستان الذي أملكه هناك قرابة الـ (200) نخلة تعاني (20) نخلة منها من الإصابة بأمراض مختلفة أي تستطيع أن تقول أن نسبة الإصابات في بستاني هي (10 %) وهذه النسبة كبيرة، خصوصاً إذا ما استفحل المرض وانتقل إلى أخرى مجاورة.
أما السيد كاظم جبار البالغ من العمر (60 عاماً) فيقول: إن هناك أنواعاً محددة ومعروفة تصيب النخيل  وأبرزها ما يصيب ثمار النخيل وهما حشرتا (الدوباس) و (الجاعول) إذ إن حشرة (الدوباس) تصيب ساق النخيل وتؤدي إلى نخر الساق وسقوط النخلة، أما (الجاعول) فتعمد إلى ثمار النخيل وتتلفها.
أما علي جفات البالغ من العمر (55 عاماً)، والذي يملك أحد البساتين المهمة في محافظة القادسية فيتحدث عن الإصابات التي يتعرض لها النخيل قائلاً: حشرات (الدوباس) و (الحميرة) و (العثة) كلها تصيب النخيل وتفتك بالمحصول وهي في تزايد مستمر وللأسف الشديد مع غياب الدعم الحكومي للقضاء على هذه الأمراض، وإن الجهود الفردية التي نبذلها كوننا نعتز بأراضينا، والمحاصيل التي نزرعها هي التي دعتنا إلى مكافحة هذه الآفات.
المالك غير موجود
يرى المهندس الزراعي مجيد جاسم جياد أن سفر مالكي الأراضي إلى خارج العراق هو السبب الرئيس في استفحال أمراض النخيل، فيقول: إن من أهم الأسباب التي أدت إلى إصابة النخيل بهذه الحشرات هي مشكلة وحدة الملكية، فالمالك للبستان خارج العراق والبستان لدى الفلاح والفلاح لا يحق له التصرف بمعنى أن الفلاح لا يستطيع الحصول على قرض للزراعة أو مكافحة الأمراض التي تصيب محاصيله الزراعية وهنا لا تستطيع الدولة أن تضع حلولاً لذلك.
ويضيف المهندس الزراعي مجيد جاسم : أن المشكلة الأخرى هي مشكلة التوزيع، فالفلاح يقوم بتوزيع الأرض بين أولاده وتصبح بعد ذلك بساتين النخيل وحدات سكنية، فضلا عن حصول مشكلات بين المالك والفلاحين تؤدي بالتالي إلى إهمال البساتين من قبل المالك وتركها بيد الفلاح.
أما عن علاج آفات النخيل فيحدثنا المهندس مجيد جاسم جياد ويقول: إن 50 % من مكافحة الآفات الزراعية تعتمد على الطرق الزراعية وتنظيف الأراضي وسقيها وتسميدها وهذه الطرق للأسف الشديد غائبة عن الكثير من العاملين في أغلب البساتين والمزارع.
 
الآفات
ويرى المهندس الزراعي مجيد جاسم أن المشكلة الثانية التي تواجه زراعة النخيل في العراق وإنتاج التمور هي أعداد وأنواع الآفات التي تصيب أشجار  النخيل فيقول: هناك جملة من الآفات الزراعية التي تصيب أشجار النخيل والتي تؤدي إلى هلاكها خصوصاً  بعد استفحالها وعدم معالجتها في الوقت المناسب وتقع في مقدمة هذه الآفات (الدوباس) إذ إن الإصابة بهذه الحشرة في محافظة النجف تتراوح بين الخفيفة إلى المتوسطة وهناك طرق عدة للمكافحة تتفاوت بين الطرق الأرضية والجوية وقد تمت مكافحة (300) دونم بالرش الأرضي و(8000) دونم بالرش الجوي في المحافظة، بالإضافة إلى طريقة (الحقن) لمكافحة حشرة الدوباس وطريقة الرش الأرضي لفسائل النخيل والرش الجوي لأشجار النخيل العالية.
وعن الإصابة الأخرى يتحدث لنا المهندس الزراعي  مجيد جاسم  قائلاً: الإصابة الأخرى هي ما تعرف بـ (عنكبوت الغبار) وقد كانت في السنتين الماضيتين  قليلة جداً بسبب الرطوبة العالية التي أدت إلى تراجعها لأنها تستهدف المناطق الجافة، وهذه الاصابة تتم معالجتها عن طريق الكبريت الزراعي.
 ويضيف مجيد جاسم : أما عن حفارات النخيل فأفضل طريقة لمكافحتها تتمثل باستخدام الطرق الزراعية في المكافحة وهي التنظيف والسقي والتسميد والمصائد الضوئية.
وبالنسبة لأمراض النخيل الفطرية يحدثنا عنها مجيد جاسم فيقول: تحدث عندما يهمل البستان ولا يتم تنظيفه، فكلما كان البستان نظيفاً كانت مقاومته أقوى وكلما كان البستان مهملاً تكون مقاومته للمرض قليلة واستخدام الطرق الزراعية من تنظيف وتسميد وسقي هي الطرق التي لا تستخدم فيها المبيدات التي تؤثر في البيئة.
مشيراً إلى أن من أمراض النخيل الأخرى الذيول الفيزرومي وانحناء رأس النخلة وخياس طلع النخيل ويمكن معالجتها عن طريق الحقن وباستخدام المبيدات الفطرية.
 
ما المطلوب؟
من خلال الجولة الميدانية التي قمنا بها والرؤية التي تصورناها عن مشكلة الآفات التي تصيب النخيل وجدنا أن الجميع مسؤولون عن علاج هذه المشكلة فعلى المزارعين اتخاذ خطوات عملية لوقاية النخيل من الإصابة بالآفات الزراعية والتعاون مع مديريات الزراعة والمختصين للحيلولة دون ظهور الإصابات والمسارعة إلى علاجها من جهة ومن جهة يجب تنظيف بساتين النخيل باستمرار ما يجعل مقاومة  للأمراض ومن ناحية أخرى يجب على وزارة الزراعة تقديم النصائح الارشادية للمزارعين سواء من خلال الزيارات المستمرة او من خلال التوعية والإرشاد الإعلامي.