ماذا بعد قمّة جدّة؟

قضايا عربية ودولية 2022/07/18
...

علي حسن الفواز
 
سؤالٌ قد يبدو مثيراً للجدل، لكنه سؤالٌ واقعيّ من حيث مقارباته السياسيَّة والاقتصادية، أو معطياته الختامية، فبقطع النظر عن التغييب المباشر لحديث الهواجس الأمنية عن البيان الختامي، وعن خطب رؤساء الوفود المشاركة في القمة، فإنَّ الأمر ليس بعيداً عن الواقع، ولا عن حسابات الدول التي وجدت في الدعوة الأميركية للتعاون الإقليمي مدخلاً للحديث عن انشغالات سياسية واقتصادية تُراعي مصالحها وحساسياتها، فضلاً عمّا تعنيه من رسائل اطمئنان  إلى المنطقة. تأكيد الرئيس الأميركي جو بايدن "عدم تخليه عن الشرق الأوسط" يعكس رؤية أميركية لطبيعة المشكلات الواخزة والضاغطة، ولمسارات صراعاتها السياسية، وبالاتجاه الذي يفتح أفقاً عقلانياً للتعاطي معها، أو للحدِّ من مخاوف البعض من تداعيات الأزمات الدولية، لاسيما أزمة الطاقة، والغذاء، والتغيّر المناخي والمحاور الأمنية والاقتصادية، وهو ما بدا واضحاً في مباحثات الملوك والأمراء والرؤساء مع الرئيس بايدن، والتصريح العلني بما يتعلق بمعالجة ملف القضية الفلسطينية، والدعوة  إلى منع "إسرائيل" من فرض سياسة الأمر الواقع على مستوى "التطبيع" أو على مستوى حرمان الفلسطينيين من حقوقهم المشروعة، أو على مستوى فرض واقع أمني في المنطقة.
ما أعلن من وقائع خلال جلسات الاجتماع، يرسم مساراً له علاقة باستحقاقات دول المنطقة، فالمصالح تقتضي رؤية واقعية لملفاتها القارّة، كما أنَّ التعاطي في العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية يتطلب خيارات الوعي بخطورة تجاوز تلك الواقعية، وهو ما أكده وزير الخارجية السعودي بعدم وجود أي حديث يخص تشكيل "ناتو عربي" أو تأزيم الوضع الجيوسياسي في المنطقة، وأنَّ ما جرى- في العلن- هو مناقشة أزمات الطاقة، والغذاء، والبحث عن حلول لملفات الأوضاع في سوريا واليمن والممرات المائية، رغم أنَّ الرئيس بايدن قال إنَّ الولايات المتحدة "ستعتمد رؤية جديدة للمنطقة الستراتيجية ولن تسمح بوجود فراغ تملؤه قوى أخرى"، وهو ما يكشف عن هواجسها الستراتيجية، والذي يتطلب زيادة الدعم لدولها، وإعادة النظر بكثير من السياسات والإجراءات التي أسهمت بإحداث الفتور ما بين الولايات المتحدة ودول الخليج.