ميادة سفر
تعاني بعض المجتمعات العربية من عقدة السياحة الداخلية باعتبارها تتعارض مع قيم المجتمع المحافظة، وهي ضد منح السياح الأجانب وحتى أبناء البلد حقوقهم التي يتمتعون بها في أماكن سياحية غير عربية، هذا التعارض يجعل السياحة في البلدان العربية ضيقة وغير مريحة وغير مربحة بطبيعة الحال.
ففي حين تنحصر أغلب المظاهر السياحية في ما يسمى “السياحة الدينية” لا سيما أنها تتم تحت رعاية الدول وبتشجيع منها، وعلى الرغم من أهميتها وأهمية العوائد المالية التي تعود منها، إلا أنه من جانب آخر تغيب الأشكال الأخرى من السياحة على الرغم من غنى كثير من البلاد العربية بالأماكن السياحية التي يمكن أن تستقطب أعداداً كبيرة من السياح الأجانب وحتى العرب، لكن التضييق التي يتعرض له هؤلاء سواء لناحية تحركاتهم أو أسلوبهم في اللباس وطبيعة علاقاتهم تجعلهم ينفرون من المجيء إلى بلادنا، اللهم إلا إلى بعض الأماكن المحدودة جدا.
وتقتصر المجموعات السياحية التي تأتي من الخارج على زيارة الأماكن الأثرية والتراثية والأوابد التاريخية، والتي تعاني هي الأخرى من الإهمال وقلة الاهتمام بها من قبل الوزارات والمؤسسات التابعة لها، حال المتاحف في أغلب البلاد العربية مزرٍ، والمناطق الأثرية التي تحاكي التاريخ العريق الذي أتت منه بلادنا، تعاني من قلة الخدمات وأماكن الراحة كالفنادق والمطاعم مما يسبب إرهاقاً للسائح.
تشكل السياحة واحدة من أهم مصادر الدخل القومي للدول، ويمكن أن تعود على البلاد بموارد مالية كبيرة إذا تمَّ تنظيمها بالشكل اللائق، وأُمنت المستلزمات الضرورية لاستقطاب السياح وتأمين راحتهم وأمنهم، لكن قلة الاهتمام وتأمين تلك المستلزمات يجعلان حتى أبناء البلد يبتعدون عنها ويلجؤون إلى قضاء أوقات عطلهم في أماكن وبلاد أخرى، حتى المكاتب السياحية أصبحت تروج للسياحة في بلاد أجنبية، على الرغم من وجود طبيعة نقية وشواطئ وجبال لكنها تحتاج إلى استثمار ورعاية من قبل المهتمين، وتشجيع المستثمرين على إقامة المنشآت السياحية والمنتجعات التي من شأنها تشغيل عدد كبير من العمال فضلاً عن تشجيع المجموعات السياحية على زيارة البلد.
انعكست الحروب والأزمات الاقتصادية والسياسية التي عصفت بعدد من البلاد العربية على الجانب السياحي فيها، ما انعكس سلباً على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، واليوم وبعد أن بدأت أغلب الدول تتعافى أو في طريقها إلى التعافي يغدو من المهم أن تلفت الحكومات إلى هذا الجانب المهم من الموارد ويجب إيلاؤها عناية أكبر والترويج لها وتشجيع الاستثمار بها.
إنّ السياحة ومن منظور اجتماعي وحضاري، هي حركة ديناميكية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالجوانب الثقافية والحضارية للإنسان، أي إنها رسالة حضارية وجسر للتواصل بين الثقافات الإنسانية للشعوب والأمم، فهي تساهم في تطور المجتمعات نتيجة الاحتكاك المباشر مع أفراد من بيئات أخرى، كما تساهم في ارتفاع مستوى معيشة الفرد.