كفى هواناً

العراق 2022/07/21
...

أحمد عبد الحسين
حتى يوم أمس كنت أحسبُ أنَّ العراق وتركيا في حالة سلم، لكني عدّلتُ معلوماتي بعد مشاهدتي القصف التركي الغاشم لمصيفٍ في زاخو ومقتل مدنيين عراقيين سائحين بينهم أطفال ونساء.
كنت واثقاً من معلوماتي القديمة، لكنَّ المنطق يرفضها الآن، فما من دولة تقصف مصيفاً في دولة أخرى وهي في حالة سلمٍ معها. إذا كان هذا هو السلم فما الحربُ إذن؟
صارتْ أراضينا متاحة لكلِّ من هبَّ ودبَّ، بفضل سكوت النخبة السياسيّة المتواطئ تحت شعار هوياتهم الطائفية وهي في الحقيقة مجرد غطاء لمصالحهم الشخصية الضيّقة مع كلّ من تركيا وإيران تحديداً، تمادى الجيران في اعتداءاتهم الغاشمة على أراضينا، وآخرها ما حدث أمس من قصف تركيّ همجيّ على مدنيين مسالمين.
السياسة العراقية في تعاملها مع الجيران خلقتْ لهم وضعاً مثالياً، فهم من حقهم التوغل في أرضنا ما شاؤوا بحجة ضمان أمنهم، ومن حقهم ضرب أربيل أو دهوك أو أي محافظة عراقية كما يحلو لهم بحجج يختلقونها كلما أرادوا ذلك، واعتادوا على أن لا تصدر عنا ردّة فعل تُغضبهم، فلا قطع علاقات ولا قطع تعامل تجاريّ ولا شكوى لدى مجلس الأمن ولا إغلاق سفارة أو طرد سفير. نُضرب ويُنكّل بنا ونحن مع ذلك خائفون من ردّة فعلهم!
هذا الأمر يجب أن ينتهي. وهناك ما يبشّر بقرب زوال هذه المسكنة والذلّة التي نحياها: غضب شعبيّ غير مسبوق، دعوات لتظاهرات اليوم وغداً، مطالبات بطرد سفير تركيا، بيانات غاضبة كان أوضحها وأكثرها واقعية بيان السيد الصدر الذي طالب فيه بغلق المعابر مع الدولة المعتدية وإلغاء الاتفاقية الأمنية معها ورفع شكوى لدى الأمم المتحدة، وهو الأمر الذي فعلته الحكومة فعلاً فقد رفعتْ مذكرة إلى مجلس الأمن وأعدّتْ سجلاً بكامل الاعتداءات التركية لتقديمه غداً.
هذا أقلّ ما يمكن فعله، وإلا فإنَّ الجريمة التركية ترقى إلى إعلان حرب فعلاً ويجب أن تتحمّل تركيا وزرها. 
تستفيد تركيا من العراق سنوياً ما يقرب من 22 مليار دولار، وهو مبلغ يعادل ميزانية دولة، ومن الذلِّ والهوان أن نستمرّ في إعطاء مبلغ كهذا لدولة تهين العراق وتحتقر إرادته ولا تقيم وزناً لسيادته.
منْ لا تقوى على تأديبه فعلى الأقل لا تكافئه على إهانته لك!