بغداد: عمر عبد اللطيف
القاهرة: إسراء خليفة
عدّ خبراء سياسيون الجلسة الاستثنائية التي يعقدها مجلس النواب اليوم السبت لمناقشة القصف التركي على منتجع "برخ" السياحي في محافظة دهوك، جزءاً من عملية إظهار الرفض من قبل السلطة التشريعية على هذا الانتهاك، مبينين أن 3 جهات دولية ستعتمد التوصيات الصادرة عن الجلسة، وبينما شدد مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي على أن الحكومة لن تخذل شعبها وتتنازل عن الحق العراقي رداً على الاعتداء التركي في زاخو، أدانت الأمم المتحدة الاعتداء ودعت إلى إجراء تحقيق عاجل.
وذكر بيان عن المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، أن "الأمين العام يدين القصف المدفعي الدامي الذي وقع في منطقة زاخو بمحافظة دهوك، في إقليم كردستان بالعراق والذي أسفر حسب التقارير عن استشهاد 8 مدنيين وإصابة 23 آخرين".ودعا الأمين العام "إلى إجراء تحقيق عاجل ودقيق في الحادث لتحديد الظروف المحيطة بالهجوم وضمان المساءلة"، معرباً عن "خالص تعازيه لأسر الضحايا ويتمنى الشفاء العاجل للجرحى".إلى ذلك، قال مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي: إن "القوات التركية ارتكبت جريمة بحق العراقيين من المدنيين في مصيف سياحي جاؤوا إليه من محافظات عراقية عديدة، وأن هؤلاء الضحايا هم أبرياء ومظلومون".
ونقل مكتبه الإعلامي عن الأعرجي قوله لدى حضوره مؤتمر الغدير الدولي للإعلام: إن "الحكومة العراقية اتخذت قرارات مهمة بهذا الشأن، وقدمت شكوى إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، واستدعت القائم بالأعمال العراقي في تركيا للتشاور، كما سلمت السفير التركي في بغداد مذكرة احتجاج".وأشار إلى أن "القوى الوطنية قد عقدت اجتماعاً في مكتب رئيس الوزراء، لاتخاذ موقف وطني موحد بهذا الخصوص"، وبين أن "مثل هكذا قضايا تحصل، وعلينا أن نحلها بالوسائل القانونية والطرق الدبلوماسية، وأن نكون حريصين على حقوق شعبنا وحمايته، والحكومة العراقية لن تخذل شعبها وتتنازل عن الحق العراقي".ويعقد مجلس النواب اليوم السبت، جلسة استثنائية بحضور وزيري الدفاع والداخلية لمناقشة الاعتداءات التركية على العراق وسط مطالبات بضرورة الرد على تركيا بالطرق الدبلوماسية والاقتصادية، بعد طلب تقدم به 100 نائب إلى رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي.وقال رئيس مركز التفكير السياسي، الدكتور إحسان الشمري لـ"الصباح": إن "عقد جلسة استثنائية للبرلمان هي إظهار موقف موحد من قبل الكتل البرلمانية، في إطار النسق العام الرافض لانتهاك السيادة، وشجب ذلك الاستهداف والجريمة التي أسقطت شهداء في منتجع سياحي".وأضاف أن "هذا الموقف سيخرج بعملية دعم لخطوات الحكومة فيما يرتبط برفع شكوى من خلال مجلس الأمن الدولي، والتحرك على الجامعة العربية والمنظمات الأخرى وإلزام الحكومة بإخراج القوات التركية المتواجدة في شمال العراق".
وبين أن "هذه الجلسة جاءت نتيجة ضغط كبير من قبل الشارع الذي أعرب عن استيائه وغضبه جراء سقوط الضحايا وانتهاك السيادة، ليجد البرلمان نفسه بالمضي في إطار السياق العام في البلاد".
وتطابق رأي أستاذ العلوم السياسية، الدكتور عصام الفيلي، مع رأي زميله الشمري، حيث أوضح أن "أهمية هذه الجلسة تكمن في إصدار قرار بضرورة إخراج القوات التركية من المعسكرات التي استولت عليها في المحافظات الشمالية".
الفيلي بيّن لـ"الصباح"، أن "سكرتارية لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب يجب أن تأخذ على عاتقها إعداد لائحة التوصيات والقرارات التي ستتخذ في الجلسة الاستثنائية وتأثيراتها على العراق وتركيا"، مؤكداً أن "اتخاذ قرار بإخراج القوات التركية يعد نصراً حقيقياً، وإيصال نسخة منه إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة والجامعة العربية، لإثبات رفضه للاحتلال منذ عام 1996 ولغاية الآن". واقترح أن "يتضمن القرار تقديم شكوى إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية، كون القصف التركي يرتقي إلى مستوى الإبادة الجماعية في القوانين الدولية، رغم أن البلدين يعيشان في حالة السلم والعلاقات الطيبة". بدوره، توقع المحلل السياسي، محمد الفيصل، في حديث لـ"الصباح"، أن "تكون جلسة اليوم عاصفة بالحوار والخيارات التي يتم طرحها، خاصّة أنّ تكرار التجاوزات والاعتداءات التركية قد أخذ أبعاداً من الرفض والاستهجان في المحيطين الإقليمي والدولي بسبب استهدافها للمدنيين والمزارعين والمصالح الشخصية للسكّان القريبين من المناطق الحدودية".
وأضاف أنه "من جانب آخر لابدّ من ذكر أنّ تمزّق وشتات وحدة الموقف السياسي العراقي جعل أنقرة تتمادى في خروقاتها على السيادة العراقية، ولأنّ العراق ليس في وارد الرد بالمثل، إذن من الأفضل أن يذهب النواب لخيار التصويت على جملة من العقوبات أو تقنين حجم التعاون والتبادل بين الدولتين لأن بغداد شريك تجاري وحيوي لإسطنبول من الصعب التخلّي عنه". وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، عقد في وقت متأخر مساء أمس الأول الخميس، اجتماعاً مع الرئاسات وقادة الكتل السياسية بشأن القصف التركي.وأكد المجتمعون، بحسب بيان لمكتب الكاظمي، "وحدة الموقف الوطني العراقي في حماية سيادة العراق وأرواح العراقيين، وإدانة الاعتداء التركي، فضلاً عن دعم الإجراءات الرامية للشكوى الدولية".من جانب آخر، تفتح سفارة العراق بالقاهرة يوم غد الأحد سجل التعازي في حادث الاعتداء الأليم على المواطنين في محافظة دهوك من قبل تركيا، وقال بيان صادر عن السفارة العراقية في القاهرة: إن "السجل سيظل مفتوحاً لمدة ثلاثة أيام، شاكراً جميع البعثات الدبلوماسية في مصر وجامعة الدول العربية وجميع المنظمات التابعة لها ووزارة الخارجية المصرية على المشاعر الجليلة التي تلقتها السفارة العراقية في مصر طيلة الأيام الماضية".
تحرير: محمد الأنصاري