عبد الهادي مهودر
يختلف متوسط عمر الإنسان بين بلد وآخر وتشير التوقعات إلى وجود أكثر من مليون إنسان سيحتفلون بتجاوز أعمارهم المئة عام في نهاية هذا العقد، بعد أن كان عددهم أقل من سبعمئة ألف معمر عام 2021، وهو العام نفسه الذي توفي فيه أكثر من 12 ألف مواطن عراقي بأسباب مختلفة في مقدمتها حوادث السير والسقوط والحروق وعض الحيوان، نعم الموت عضاً حسب إحصائية لوزارة الصحة، وكما في كل مرة تكون حصة الإصابات المميتة وغير المميتة والعضات من نصيب الذكور في مجتمعنا الذكوري الذي لم نجن من صيته غير الحوادث دهساً او عضاً حتى الموت، ودون أن نسمع كلمة مواساة من نصفنا الآخر في فواجعنا المستمرة مع سعادتنا بأن النساء هن الأطول عمراً من الرجال حسب إحصائيات الأمم المتحدة، ولا حسد، وقبل أيام أصابت فنانات مصريات نوبة من الضحك حين اكتشفن أن معظم نجوم السينما المصرية الذين عملوا معهن أفلاماً مشتركة قد غادروا الحياة، ومنهم عمر الشريف وممدوح عبد العليم وأحمد زكي ونور الشريف ومحمود عبدالعزيز وغيرهم، وما زلن يواصلن التجربة مع جيل من الفنانين الشباب الجدد، وقد يمضون ويبقين أيضاً، والسؤال هو كيف يمكن العيش مئة عام في العراق دون أن تفلت من سبب واحد من الأسباب المميتة التي أصبح العض جزءاً منها؟ وما أتعس نهاية هذه الفئة التي تحلم بميتة مشرّفة فينهي حيوان سائب حلمها الأخير بعضة قاتلة ويلوذ بالفرار؟! فهل يحق لنا أن نتساءل كيف يعيش غيرنا أعماراً أطول في المناطق الزرقاء من هذا العالم ومن بينها منطقة اوكيناوا في اليابان التي يمتاز سكانها من الجنسين بأنهم أطول الناس أعماراً في العالم، وغيرها من مناطق يتمتع فيها الإنسان برحلة العمر القصيرة في مدن صالحة للعيش لا تسمع فيها ضجيجاً وجدلاً عقيماً ولا صراخاً ولا صوتاً لمصلّح الطباخات؟ وهل في اوكيناوا مصلح طباخات دوار؟
وإلى جانب حوادث السير والسقوط والحروق والعض والغرق التي تنهي حياة العراقيين في عز الشباب، يمكن في وسط العاصمة بغداد أن تموت بسقوط أجزاء من بناية تراثية مهملة على رأسك فيتعظ غيرك ويتوب من المرور من تحت شناشيل ساحة الميدان وشارع الرشيد وتكون عبرة لمن اعتبر، أو تموت بقصف عشوائي أو رصاصة طائشة أو نيران صديقة وعزيزة أو تحاصرك نيران الحرائق وأنت راقد في مستشفى أو تصدمك دراجة بخارية قادمة من الاتجاه المعاكس أو تموت بخطأ طبي أو بحقنة قاتلة من مضمد صحي أو بمشاجرة لسبب تافه أو يطعنك متعاطي مخدرات طعنةً نجلاء، أو تموت من الضحك.