حيدر العمر.. {اسطة سينما ونص}

الصفحة الاخيرة 2022/07/25
...

علي حمود الحسن

  اقترح عليّ استاذنا الناقد والباحث باسم عبد الحميد حمودي-أطال الله في عمره- الكتابة عن ثلاثة مخرجين عراقيين رواد، هم: كاميران حسني صاحب "سعيد افندي"، وحكمت لبيب مخرج فيلم " قطار الساعة 7"، و حيدر العمر الذي أخرج "فتنة وحسن"، وهو أول فيلم عراقي "صرف " إنتاجاً وإخراجاً وتمثيلاً وتوزيعاً، حتى صار يوم عرضه عيداً للسينما العراقية التي ما زالت معلولة، ولأني كتبت أكثر من مرة عن كاميران حسني وفيلمه الرائد، كما كرست صفحة كاملة من سينما/ الصباح لأفلام وتجربة حكمت لبيب، أجدني اليوم وتنفيذاً لرغبة أستاذنا الفاضل، أبحر في السيرة العطرة لفنان عصامي لم يخرج سوى فيلمين الأول" فتنة وحسن"(1955)، والثاني "أرحموني"(1958)، هذان الفيلمان، وإن كانا تقليداً لأفلام الميلودراما المصرية السائدة في تلك الأيام، إلا أنهما صنفا ضمن الأعمال الأكثر جماهيرية وربحاً في تاريخ السينما العراقية، على الرغم من أن العمر لم يدرس السينما أكاديمياً، وكان غالباً ما يمازح ممثليه- المعروف عن حيدر العمر الانبساط  وحب النكتة - ممن تحصلوا على تعليم عال في السينما، بأنه " لا يملك الشهادة، لكنه خَبرَ حرفة السينما ميدانياً، لذا فهو "اسطة ونص". 
ولد العمر في مدينة الأعظمية عام 1924 وترعرع فيها، و بعد تخرجه من الثانوية افتتح مكتبة ومحلا للتصوير الفوتوغرافي، وكان محباً للسينما ومتتبعاً لأخبار نجومها، عمل في توزيع الأفلام وتأجير دور العرض السينمائية أيام المناسبات، لتأتيه فرصة العمر، إذ التقى الفنان ياس علي ناصر وصلاح الدين البدري صاحبي شركة "دنيا الفن"  واتفقوا على إنتاج فيلم "فتنة وحسن " بكلفة ثمانية آلاف دينار، فكتب عبدالهادي مبارك قصة وسيناريو الفيلم، بالتشارك مع العمر، بينما أدار تصويره وليم سايمون، ومثل فيه ياس علي ناصر وسلمى عبد الأحد، ونجح الفيلم نجاحاً منقطع النظير، بعد عرضه في سينمات (الهلال، والحمراء، والقاهرة) البغدادية، التي شهدت حشوداً متزاحمة أمام شباك تذاكرها لأسابيع، وحقق الفيلم أرباحاً تجاوزت الـ (20 ) ألف دينار عراقي، وكذلك نجح فيلمه الثاني "ارحموني" نجاحاً كبيراً لأسباب، منها ما يتعلق بقصته التراجيدية، ووجود الملحن والمطرب الصاعد رضا علي مع الممثلة والمغنية هيفاء حسين التي عرفها الجمهور في فيلم "وردة"، فضلاً عن بدري حسون فريد وغازي التكريتي .
 وذكر الراحل بدري حسون فريد قصة طريفة أثناء تصوير"ارحموني"، مفادها أنه وحيدر العمر وقعا في غرام هيفاء حسين، وكانت هيفاء تبادل فريد المشاعر، لكنه كان حالماً ورومانسياً، وهي واقعية جداً، فآثرت عليه مخرجها المرح الذي خبر الدنيا وخفاياها.
 انقطع العمر عن الإخراج في السينما متفرغاً للتلفزيون حتى وفاته في العام 1968.