الأغنية الكرديَّة رافد جمالي نفتقد حضوره

الصفحة الاخيرة 2022/07/27
...

 بغداد: نورا خالد
 تصوير: نهاد العزاوي
«الغناء الكردي ثقافة عراقية خالصة حالها كحال الغناء الريفي والمقام وما نسميه بالأغنية البغدادية»، هذا ما تحدث به الباحث الموسيقي حيدر شاكر، عندما توجهت صفحة موسيقى له بالسؤال عن الأغنية الكردية وسبب اختفائها عن معظم الفضائيات العراقية؟.
 
 
وأضاف شاكر أن  "الإذاعة العراقية حينما أسست كانت تضم الكثير من الفنانين والأدباء والشعراء عرباً وأكراداً بدليل كان هناك القسم الكردي والتركماني وخرجت الكثير من الأصوات الجميلة من الإذاعة الكردية في العقد الستيني، إذ كان التلفزيون يعرض أغاني لمطربات ومطربين بزيهم الكردي وهم يغنون، بلغتهم الكردية ولاقت استحسان الجمهور العربي والكردي على حد سواء، بل إن الكثير كانوا يرددونها باستمرار وهذا دليل على نجاحها الموسيقي".
للباحث حيدر شاكر كتاب ينوي طباعته تحت عنوان "مبدعات العراق" تناول فيه الغناء العراقي منذ العصر العباسي، متحدثاً في بعض أجزائه عن مطربات الرعيل الأول الكرديات، مبيناً "نحن كباحثين نهتم بتراثنا العراقي وخاصة الغنائي، ولا بد أن نذكر المطربين الكرد نساء ورجالا، فلهم دور مهم بالغناء العراقي ومنهم المطربة الكردية نسرين شيروانه وهي من مدينة زاخو منحها الله صوتاً جبلياً ظل يغرد بسماء كردستان، على الرغم من عدم استطاعتها تكملة تعليمها، إلا أن فطرتها الفنية طغت على تحصيلها العلمي، فالمصادر تذكر أنها سجلت للإذاعة الكردية العديد من الأغاني منها أغنية "ده لي لي"وكانت من الأعمال، التي جلبت شهرة لهذه الفنانة، كما أن الكثير من أعمالها الغنائية، التي قدمتها من خلال الحفلات لم توثق آنذاك، ووصل عدد أغانيها، إضافة إلى المقامات التي تجيدها إلى 1420 عملاً غنائياً"، مستغرباً "ابتعاد الباحثين عن ذكر الفنانات الكرديات اللواتي شاركن زميلاتهن مطربات العراق كونهن عراقيات ولديهن توثيق لدى الإذاعة العراقية ومن واجب الباحث الموسيقي أن يتناول بكتاباته تلك الأسماء، التي يعلم بقيمتها أبناء الشعب الكردي العراقي المعروف بحبه للأغنية العراقية، أياً كان مصدرها ولونها الآتي من التربة العراقية الولودة لتلك الأصوات التي أعطت ما لديها من الإبداع" .
إن جمال الصوت الكردي النسائي والرجالي كان ولم يزل حاضراً بثقافة كرد العراق بمجال الغناء والفن عموما وهناك العشرات، بل المئات من الأسماء الكردية التي قدمت للعراق جمال الحياة الثقافية لإرثه العتيد ولو تحدثنا عن الأصوات النسائية الكردية التي عملت في الإذاعة والتلفزيون في العقد الخمسيني والستيني لوجدنا أنفسنا أمام صانعات جمال الأغنية الكردية العراقية الرصينة، ومع أن التلفزيون العراقي الذي بدأ بثه بالأسود والأبيض كان يقدم بين الحين والآخر أغاني بأصوات مطربات كرديات أمثال كلبهار وعيشاشان ونسرين شيروان والماس خان، إلا أن ذلك لا يكفي كون الإعلام كان موجهاً للأصوات العربية
العراقية.
ويختم شاكر حديثه بأن "أغلب المطربين الذين اشتهرت أغانيهم منذ تأسيس الإذاعة العراقية وصولا إلى تسعينيات القرن الماضي، اعتمدوا على الأغنية الكردية القديمة وتطويرها من خلال الملحنين والموسيقيين العراقيين".
وأرجع الصحفي والناقد الموسيقي سامر المشعل سبب تراجع انتشار الأغنية الكردية إلى أن "الجهات المعنية أي الثقافتين العربية والكردية تتحمل ذلك، ففي السابق كانت وسائل الإعلام تبث من خلال القنوات والإذاعات الأغاني الكردية التي استساغها وأحبها الجمهور العربي قبل الكردي وكان يرددها، لكن في الوقت الحاضر لم نعد نعرف أياً من الأغاني الكردية او مطربيها، وهذا بفعل وسائل الإعلام التي لم تعد تروج لمثل هذه الأغاني". 
وأضاف المشعل "فمثلا دلشاد محمد سعيد استطاع أن يمزج بين الموسيقى الكردية والعربية، فخرج بموسيقى خاصة لاقت استحسان المتلقي وكذلك احمد الخليل أعطى للأغنية الكردية إضافة نوعية في الغناء العراقي عندما غنى الأغنية الوطنية "هربجي كرد وعرب رمز النضال" فمثل جسراً بين الثقافتين فأثبت بذلك أن الموسيقى هي أسمى أنواع الجمال وهي تخاطب القوى العقلية العليا عند الإنسان وهي المشاعر والأحاسيس وللأسف الشديد يقع على الثقافة الكردية والجهات الأخرى التقصير من هذه الناحية في نشر الأغنية 
الكردية".
ويذكر أن دائرة الثقافة الكردية قد أقامت مؤخراً محاضرة عن الأغنية الكردية، تحدث فيها الباحث الموسيقي حيدر شاكر، وقد حضرتها "الصباح" وغطت 
ما دار بها.