رأيكم في: عام مضى.. وآخر آتٍ؟

الصفحة الاخيرة 2022/12/28
...


زيد الحلي 


عام آخر، أسحب في آخر يوم فيه من مفكرة الحياة، ورقته الأخيرة بعد أربعة أيام، والعام الذي مضى 2022 رغم عناده وخشونته وقسوته وشروره، رحل غير مأسوف عليه، بعد أن خلف في وطني آلاف الآهات والصراخ المكبوت.. 

ماذا يدور في ذهني الآن، وأنا أودع عاماً وأستقبل آخر، وماذا خرجت من تجارب وحكمة ورؤى من سني حياتي السابقات، وهي كثيرة!.

لقد تيقنت بأن الرجل الصالح ليست لقلبه حدود، وبمقدوره أن يعامل الصلاح بالصلاح ويعامل الطالح بالصلاح أيضاً، كما تيقنت بحاجتنا إلى الأمانة العقلية وإلى انتزاع الحق من جوف الأشياء، وكلما كان الإدراك أعمق، كان تفسيره أصعب وكلما تعمق إحساسنا بالأشياء، كان تحليلنا أقرب إلى المنطق. 

وتعلمت أن كلمات الحق تخنق "الآخرين" وكلمات المجاملة، هي الزيف بعينه، وترسخت عندي القناعة بأن الرجال الصالحين لا يخاصمون ولا يجادلون!.

وإنني كثيراً ما وجدتُ نبتة طيبة في أرض "سبخة" وأيضاً وجدتُ نبتة فاسدة في أرض "طيبة" وعلمتني الحياة أن الإنسان الذكي لا يركض وراء سراب يلمع في صحراء المخيلة، وأن الحب يمنح الإنسان المنعة، والكره يمنح الإنسان الامتعاض والتعاسة، وأن الحرية هي التي تربي الأمم وهي التي تتيح الفرصة للأكفاء، وهي تسد الطريق أمام كل دسّاس ماكر.

 وأهم درس هضمته هو أن وجوه الأطفال هي التي تفرش الأفق أمام عيني، وأن النصيحة الطيبة، الصادقة لا ثمن لها.

وإن وطننا العراق الماسك بشراييننا، مثل المعشوقة كلما نأينا عنها سكنتنا، فاستوطنتنا واستحوذت على أرواحنا، إذ كلما مد الله بـ "العمر" تعمّق "مقامه" في وجداننا، فالعظيم عظيم في كل شيء، حتى في أحزانه وآلامه وإنه مثال الشجاعة. فهل هناك بطولة أكثر من أن يمسك المرء جمرة نار ولّهه بالوطن بيديه غير آبه بالألم، و يا له من ألم .!

 وبمقدم العام 2023، أسمح لنفسي، وأنا الداخل إلى كهف الشيخوخة، مغرداً خارج المألوف بالقول: أتمنى لكل القلوب أن تخفق بالحب، فبدون الحب الإنسان والسراب، سواء بسواء!.