فروقات الرسوم!

الصفحة الاخيرة 2022/12/29
...

حسن العاني

قبل (60) سنة تقريباً، بدأت أقرأ "الجرايد" وفي بعض الأحيان أشتريها، وفي حالات نادرة أنشر فيها بعض الخواطر الأدبية، ولكن الأمر الغريب حقاً، هو أنني طوال هذا الزمن الذي يمتد إلى يومنا هذا، وأنا أقرأ الصحف من اليسار إلى اليمين، أي من صور الممثلات الحسناوات، ثم أنتقل مكرهاً إلى لغاوي قصائد النثر وما بعد الحداثة وتصريحات المسؤولين وأكاذيب الإنجازات ومعارك البرلمان والحكومة!

على أن هوسي وجنوني يكمن في اهتمامي بصفحة التسلية، حيث الكلمات المتقاطعة والألغاز الرقمية والحزورات...الخ، وأهم ما يشغلني هي الفقرة الخاصة بإيجاد الفروقات بين الصور المتشابهة أو الرسوم، ولشدة ولعي بفروقات الصور أو الرسوم، أصبحت خبيراً لا يشق له غبار، بحيث إذا كتبت الجريدة (جد الفروق الخمسة بين الرسمين المتشابهين)، أعثر على ستة، وإذا كتبتْ (أمامك خمس دقائق للعثور على الأخطاء السبعة التي وقع فيها الرسام بين اللوحتين)، أعثر عليها في دقيقتين، وأحياناً أقل من هذا الزمن، وهذه الشطارة التي أدعيها، لم تأت عبثاً، وإنما بفضل الممارسة اليومية الطويلة لهذه المتعة، وبفضل ما أتمتع به من دقة ملاحظة!.

أعترف أن شغفي بهذه الهواية الممتعة قد تضاعف في السنوات الأخيرة، فأنا مثلاً أصل من بيتي إلى الجريدة سيراً على الأقدام في ساعة واحدة، وأصل في سيارة (الكيا) في ساعتين، نتيجة الزحام والسيطرات، ولذلك كنت استغل الساعتين مع صفحة التسلية بدلاً من الإصغاء إلى تذمرات الركاب وتأفف السائق، على أية حال، تعرضت إلى موقف محرج مع هوايتي المفضلة، فقبل عدة أشهر نشرت إحدى الصحف، صورتين متشابهتين، إحداهما كتب تحتها (عام 2002) والأخرى (عام 2022)، وذكرت الجريدة أن هناك (7 فروقات) بينهما، وأعطت مهلة قدرها (15) دقيقة لاكتشاف التباينات، والطريف في الأمر، أن الجريدة نشرت المادة تحت عنوان (اختبر ذكاءك)، وقد ضحكت في سري، لأن هذا المطبوع بدا وكأنه يسخر من نباهتي وقابلياتي الشخصية عندما أعطى مهلة 15 دقيقة، لأنها مدة زمنية أطول بكثير مما يجب، وهكذا لجأت إلى قلم الرصاص، ورحت أبحث على طريقتي الخاصة والسريعة في تحديد الفروق، كان أمراً غريباً فقد انصرمت المهلة المحددة، ولم أعثر على أي فروقات، ومضت نصف ساعة من دون جدوى، فشعرت بالانزعاج وغادرت البيت واشتريت علبة سجائر، وحاولت من جديد والزمن يمر، انصرمت 15 ساعة وانقضى أسبوع كامل، واستهلكت قرابة أربعين علبة سجائر، وفشلت تماماً في إيجاد فرق واحد، ولذلك رفعت الراية البيضاء، ولست أدري حتى هذه اللحظة، هل كان الرسام ذكياً إلى هذا الحد أو أنه كان يمارس لعبة طريفة مع القراء، أم هل أنه حقاً لا يوجد فرق بين الصورتين؟!.