علي حسن الفواز
هل سيشهد العالم صراعاً أكثر رعباً حول الطاقة؟ وهل سيكون الإجراء الروسي بحظر توريد النفط إلى خصومه مبعث قلق دولي جديد؟ وهل ستكون سياسة الأسعار الجديدة نوعاً من إجراءات فرض الأمر الواقع؟
هذه الأسئلة، لا تدخل في مجال ترسيم حدود اقتصاديات الطاقة فحسب، بل ستجد صداها السياسي أكثر تأثيراً، وأكثر عصفاً في مجال تطبيق تلك السياسة على الأسواق، وعلى علاقات روسيا والغرب بالدول الأخرى المنتجة للطاقة.
قبل يومين وضعت روسيا نفسها في لعبة مواجهة حادة مع أميركا والغرب، إذ وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوماً يقضي بحظر بيع النفط إلى الدول التي ستُطبّق سياسة الأسعار التي فرضتها الدول السبع الكبرى، ودول الاتحاد الأوروبي، والتي تؤيد تطبيق آليات العقوبات على روسيا، وعلى فرض حصار استيرادي على الغاز والنفط الروسيين، في محاولة لايجاد فراغ في الأسواق الروسية، وبالتالي اجبارها على إنهاء الحرب في أوكرانيا، والخضوع إلى إرادة الغرب.
الإجراء الروسي لا يعني تأكيداً لما يسميه الغرب بـ"العناد الروسي" بل يرتبط بسياسة الرد النوعي، والتي تعني القيام بسلسلة إجراءات، بدءاً من العمل على تغيير توجهات الأسواق الروسية، وليس انتهاء بخلط الأوراق من خلال تطبيق سياسات تصديرية قد تشمل الغذاء والمواد الأولية التي تحتاجها الشركات الغربية، فضلاً عن استخدام الجانب العسكري، من خلال توسيع مديات الحرب في أوكرانيا، لاسيما قصف محطات توليد الطاقة في المدن، ومخازن الأسلحة التي يوردها الغرب إلى الجيش الأوكراني..
قد تكون إجراءات فرض سقف لأسعار الطاقة بحدود 60 دولاراً للبرميل الواحد، نوعاً من المناورة، والمخاتلة، والذي سيتقاطع مع سقف الأسعار التي حددتها منظمة "اوبك بلاس" وهذا مايجعل هذا التحديد "السياسي في أهدافه" غير واقعي، ومن الصعب فرضه على الجميع، لاسيما وأنَّ الحاجة إلى الطاقة هو شأن مصيري للأوروبيين، على مستوى استمرار عمل الشركات الكبرى والمصالح الستراتيجية، أو على مستوى مواجهة فصل الشتاء، وارتفاع نسب التضخم في الأسواق، وكذلك مواجهة اتساع حركات الاحتجاج على السياسات الغربية، إزاء القضية الأوكرانية، وإزاء ضعف المعالجات "الاورواميركية" للأزمات الاقتصادية التي يعاني منها المواطنون من ذوي الدخل المحدود.