السنة الجديدة وحروب الكبار

قضايا عربية ودولية 2023/01/04
...

علي حسن الفواز


مع دخول العالم إلى سنة جديدة، سيكون من الصعب الوقوف عند خارطة واضحة، أو مستقبل أوضح، فما يجري على جبهات السياسة والاقتصاد والأمن بات غامضا، ويشكّل تحديا كبيرا لاستقرار هذه التوصيفات وتداولها، فضلا عمّا يتعلّق باستقرار المفاهيم القديمة للعقل الغربي، مثل الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والليبرالية، التي أضحت اليوم عرضةً لتهديدات بنيوية خطيرة، قد تنعكس على مسار تأثيرها بالسياسات الحاكمة للكبار في أوربا وأميركا، وبما يُضعِف سيطرتهم على قيم الرفاهية، والأسوق المفتوحة، مقابل البقاء تحت استيهامات رعبِ ما يجري، من تنامٍ مضطرد لأشباح المحاربين الجدد، إن كان في روسيا، أو في الصين، أو في كوريا الشمالية أو في إيران، أو في التحالفات الدولية والإقليمية الجديدة، التي قد تُغيّر المسارات الجيوسياسية في العالم.

تهديدات الحرب في أوكرانيا، لا تقلّ خطورة عن تهديدات المناخ، ولا عن التضخم، ولا عن صعود النزعات القومية في الغرب، وعلى نحوٍ جعل من «السنة الماضية» من أكثر السنوات سوءاً، في ترسيم ملامح القلق الكوني، وفي رثاثة سيطرة الغرب وأميركا على تلك الجبهات الساخنة. فما يجري في أوكرانيا يحتمل «سنة قادمة» من الحرب والإنهاك الاقتصادي والعقوبات والتهديد النووي، كما أن أزمات التضخم والبطالة تعني إمكانية التعرّض إلى ركود اقتصادي من الصعب أن تتحملة «الرأسمالية القديمة» فضلا عن أن الصعود التجاري والعسكري للصين وروسيا قد يعني نزوعا مفتوحا للعسكرة، ولتحويل رؤساء الدول إلى «تجار أسلحة» والعالم إلى حقل ألغام سياسية واقتصادية وأمنية وثقافية.

الاتحاد الأوروبي ليس اتحاداً على «بياض» بقدر ما هو اتحاد مصالح، وهذا ما يجعل الحروب والأزمات المتراكمة في الغرب والشرق والجنوب عناصر تهديد دائمة قد تُسهم في تقويض مفهوم الاتحاد ذاته، وعرقلة سياساته الداخلية والخارجية، ووضع الكثير من مصالحه خارج الاستعمال، وربما سيدفع «هذا الأمر» دولاً أخرى تعاني من أزمات داخلية، ومن ذاكرة ايديولوجية إلى التمرد، وإلى تجاوز عقدة «الخوف الأميركي» والذهاب إلى خيارات تؤسس مواقفها على  حسابات ومصالح، ومسارات من الصعب ضبط إيقاعها، والتي قد تتقاطع مع «أوهام الهيمنة الأميركية» وباتجاه له خصوصيته في اختيار مواقف «متمردة» على مستوى التعاطي مع تداعيات «الحرب الأوكرانية، ومع العقوبات على روسيا، وعلى مستوى مواجهة تزايد حجم التحديات الاقتصادية، والأمنية.