خبراء يطالبون بتعظيم الموارد المالية بعيداً عن النفط

العراق 2023/01/04
...

 بغداد: هدى العزاوي


يُجْمع المراقبون والمختصون في الشأنين الاقتصادي والمالي على أن العراق يفتقد إلى سياسة اقتصادية واضحة تمكِّنه من رسم خطط بعيدة أو حتى متوسطة المدى في بناء الدولة والنهوض بها وحل الأزمات المعيشية للمواطنين، ولأن الاعتماد الكلي على النفط كمورد أساس للإنفاق بمبالغ تصل إلى 85بالمئة أو أكثر من حجم الموازنة العامة، فإن الخبراء والمختصين يطالبون الحكومة بالالتفات إلى تعظيم موارد الدولة من جهات ومجالات أخرى كتحرك استباقي لدعم الموازنة خوفاً من تذبذب أسعار النفط وما يتبعه من تأثير منظور في جميع مفاصل الحياة في البلاد.

وقال عضو اللجنة المالية النيابية، النائب ريبوار ارحمن، في حديث لـ"الصباح": إن "من أهم التحديات والمهام التي تقف أمام السلطة التنفيذية؛ السعي وراء تنوع مصادر الدخل"، مبيناً أن "الدولة التي تعتمد على مصدر دخل واحد تعد من الدول الفاشلة من الناحية الاقتصادية، لذا على السلطة التنفيذية الالتفات لتعظيم الموارد عن طريق إيرادات المنافذ الحدودية والجمارك وتنظيم عملية الضرائب، ليكون هناك دخل متنوع قادر على مواجهة أية تحديات اقتصادية إذا ما انخفضت إيردات 

النفط".

وأشار إلى أن "العراق يعد من الدول المهيأة لتعظيم مواردها، خاصة في ما يتعلق بامتلاكه الأماكن المقدسة والأثرية والتي يمكن للحكومة من خلالها تقديم الخدمات وتنميتها لتكون مصدراً مهماً لتنويع الموارد الاقتصادية"، منوهاً بأن "الاهتمام بالقطاع الزراعي سواء في المناطق الوسطى أو الجنوبية وحتى في إقليم كردستان، يمكن أن يكون مصدراً مهماً لتنويع الاقتصاد، خصوصاً أن العراق يستطيع أن يصدِّر منتجاته الزراعية من الفاكهة والخضروات إلى الدول الأوروبية عبر تركيا، وذلك عبر الاهتمام بالطرق وتسهيل نقل المحاصيل للفلاحين" .

من جانبه، أشار السياسي المستقل، عمر الناصر، في حديث لـ"الصباح": إلى أنه "في جميع دول العالم يوجد تحديث مستمر للخطط  الاقتصادية التي ترسم ستراتيجيات ذكية تسهم في تعظيم موارد تلك  الدول، ويرجع ذلك إلى ضعف وجود الثروات الطبيعية لديها، فتكون الضرائب مثلاً هي أهم جزء تعتمد عليه تلك الحكومات عند وضع  الميزانيات" .

وأوضح أنه "لو اطلعنا على حجم الثروات والموارد المنظورة وغير  المنظورة التي بإمكان العراق الاستفادة منها لغرض جعلها ميزانية   رديفة لواردات النفط، سنجد أننا نستطيع أن نبني منها (من تلك الموارد) 3 دول إذا أردنا التحدث بصيغة المبالغة"، منبهاً إلى أن "اعتماد اقتصادنا على مصدر ريعي واحد هو النفط، يبقي الوضع  الاقتصادي هشّاً وواقفاً على أرض رملية غير مستقرة، دون  الالتفات  لبقية  المفاصل  الأخرى المعطّلة لأسباب سياسية بإمتياز".

وبين أن "تنوع الدخل القومي هو أحد أذرع السياسة الاقتصادية  الرصينة، وهو بمثابة سلاح يرتقي لقوة الأسلحة الفتاكة"، موضحاً أن "ذلك يكون من خلال خلق موارد إضافية من داخل المشاريع  المنجزة سواء  كانت من الضرائب أو واردات المنافذ الحدودية أو فرض رسوم (الترانزيت) الجوي أو البري على البضائع والأشخاص، وربما العمل على فرض قيمة الضريبة المضافة التي تعود وارداتها إلى الدولة لإنشاء البنى التحتية، من دون الاعتماد على الموازنة العامة للدولة والتي هي بدورها معرّضة لهزات ارتفاع وانخفاض أسعار النفط العالمية" .

بدوره، بين المحلل في الشأن الاقتصادي، نبيل جبار التميمي، في حديث لـ"الصباح": أنه "ما تزال المخاوف قائمة إلى اليوم بشأن قدرة الاقتصاد العراقي على الاستدامة في ظل استمرار الاقتصاد المبني والمتعكز على الريع النفطي كأساس مالي"، موضحاً أن "النفط الذي يغذي اقتصاد الدولة العراقية وإنفاق حكومتها ومؤسساتها بأكثر من 94بالمئة، فيما يشكل اليوم ما يزيد عن 50بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العراقيGDP  ويعطي مؤشراً عن مدى اعتماد الاقتصاد العراقي على النفط في ظل تذبذب أسعاره، والمخاوف تزداد إذا افترضنا استمرار الحكومات على تضخيم أبواب إنفاقها التشغيلية من خلال سياسات التوظيف المستمرة وسياسات دعم كلفة الخدمات" .

وأكد التميمي أن "من الأفضل تحفيز القطاعات الصناعية والخدمية التي تحتكرها الدولة حالياً في القطاع العام وزيادة مواردها من خلال هذا القطاع، أو تخلّي الحكومة عن جزء من هذه القطاعات ومنح القطاع الخاص فرصة للتوسع في مثل هذه القطاعات واكتفاء الدولة باستحصال الرسوم والضرائب منها"، عادّاً أن مؤشر الناتج المحلي الإجمالي للعراقGDP   وارتفاعه، قد يكون المؤشر المناسب لقياس مدى تحسن الاقتصاد العراقي وتناميه.


تحرير: محمد الأنصاري