علي حسن الفواز
ما يجري في السودان يعكس طبيعة المتغيرات السريعة والصعبة في هذا البلد الأفريقي، الذي يعاني من مشكلات وأزمات صراعية، باتت تفرض تعقيداتها على الشارع السوداني منذ أحداث الانقلاب العسكري الذي أسقط نظام الرئيس السابق عمر البشير في العاشر من نيسان 2019.
إعلان القوى المدنية في السودان بدء انطلاق المرحلة النهائية للعملية السياسية في التاسع من الشهر الجاري، يمثل خياراً واقعياً، لمواجهة تداعيات ما يجري، والاتجاه نحو عمل حقيقي يهدف إلى تنفيذ الاتفاق الإطاري الذي تم التوقيع عليه بين تلك القوى، وبين المجلس العسكري بقيادة عبد الفتاح البرهان في الخامس من كانون الأول 2022.
بيان الانطلاق يمثل من جانب آخر تحدياً لمواجهة صيغ تنفيذ بنود ذلك الاتفاق، والذي ما زال يواجه معارضة من قوى شعبية كثيرة، ومن بعض الأحزاب اليسارية، وهو ما يضع خيار إكمال فقراته الأخرى، بمثابة الرهان على توطيد أركان النجاح، وعلى معالجة "قضايا العدالة، والعدالة الانتقالية، والإصلاح الأمني والعسكري، ومراجعة وتقييم اتفاق السلام، وتفكيك بقايا الحكم السابق، فضلاً عن معالجة قضية شرقي السودان".
هذه القضايا التي ظلت بين شدٍّ وجذب، لها ثقلها في تحديد المسار الواقعي للعملية السياسية، والتي تتطلب سلسلة من الإجراءات، بدءاً من العمل على الالتزام بالسقف الزمني للمرحلة الانتقالية، وتسليم السلطة إلى القوى المدنية، ولا تنتهي عند إجراء انتخابات حرة ونزيهة، تضمن جدّية الاتفاق السياسي، وصدقية الجهات الاستشارية الدولية والإقليمية التي ساعدت في صياغة الاتفاق، كالأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية للتنمية، فضلاً عن الرباعية الدولية المكونة من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات.
الزخم الذي رافق المشاورات الوطنية، كان عنصراً دافعاً، للعمل على إنهاء الأزمة السياسية والأمنية في السودان، والانتقال إلى إجراءات حقيقية تكفل المسار التواصلي للعمل السياسي والتنموي، ومعالجة أزمات البلاد المعقدة، لاسيما أزمات العنف والصراع المسلح، وأزمات الاقتصاد الرث، والبطالة والفقر وغيرها من الأزمات البنيوية العميقة.