بغداد: هدى العزاوي
تتصاعد تقديرات الأوساط الاقتصادية والنيابية بشأن ما تحويه بنود موازنة العام 2023، فقد دفعت الحكومة الحالية بالآلاف إلى صفوف التعيين بعد تثبيت المحاضرين المجانيين والعقود على الملاك الدائم بطريقة استحداث الدرجات الوظيفية، إذ تحاول حكومة السوداني استغلال فائض عائدات النفط في الموازنة من شقين استثماري وتشغيلي، وهذا ما يضيف أعباء جديدة من ناحية النفقات الشهرية الواجبة على الحكومة.
أستاذ الاقتصاد في جامعة المعقل، نبيل المرسومي، تطرق إلى أزمة سعر الصرف التي ستكون حاضرة في كتابة الموازنة الاتحادية، وقال في حديث لـ"الصباح": إن "احتياطي البنك المركزي يتجاوز 99 مليار دولار وهو الأكبر في تاريخه، وبالتالي فإن المشكلة ليست في عرض الدولار وإنما المشكلة في الحوالات المصرفية عبر المنصة الإلكترونية التي أنشأها البنك الفيدرالي الأميركي مع المركزي العراقي"، مشيراً إلى أن "هذه المنصة تدقق الحوالات وتعيد معظمها وهي تمول استيرادات البلاد، ما أدى إلى انخفاض كبير في مبيعات مزاد العملة لتصل إلى 120 مليون دولار يومياً بعد أن كان يتجاوز 250 مليون دولار". وأضاف المرسومي أن "الإجراءات الحالية غير فاعلة في ظل زيادة المبيعات النقدية التي باتت تشكل من 75 إلى 80 % من مبيعات نافذة العملة، بينما كانت لا تزيد على 10 % قبل شهرين، ما أدى لزيادة تهريب الدولار خارج العراق لتنفيذ الحوالات للتجار والمستوردين، ما يعني أيضاً زيادة سعر الصرف ورفع أسعار السلع والخدمات"، عاداً "استمرار المبيعات بهذا الشكل بأنه سيحدث أزمة في الدينار الذي تحتاجه الدولة لتغطية نفقاتها البالغة 7 مليارات دولار شهرياً، وبالتالي سيضطر البنك المركزي لإصدار عملة نقدية جديدة، ما يعني زيادة حجم الكتلة النقدية ورفع أسعار السلع والخدمات".وفي ما يتعلق بعودة سعر صرف الدولار إلى السعر القديم، أوضح المرسومي، أن "العودة إلى السعر القديم سيفقد الحكومة 40 ترليون دينار من الموازنات عند تحويل الدولار إلى الدينار بسعر الصرف القديم، ما سيؤدي إلى تناقص في إيرادات الحكومة"، موضحاً أنه "في ضوء الارتفاع الكبير في موازنة 2023 التي يصل حجمها لـ180 ترليون دينار في ضوء السعر 1450 ديناراً سيصل العجز إلى 40 ترليون دينار".
بدوره، قال الخبير الاقتصادي جعفر باقر علوش لـ"الصباح": إن "عودة الدولار إلى سعره السابق 1118 ديناراً محض أمنيات"، مبيناً أن "النفقات التي تبلغ 180 ترليون دينار ستكون بقيمة 124 مليار دولار".وأضاف علوش أنه "إذا تمت العودة إلى السعر السابق ستكون النفقات قد بلغت 161 مليار دولار ويكون العجز المخطط يقارب 50 % من قيمة الموازنة، بمعنى تنفيذ موازنة بهذا الشكل سيحدث كارثة حقيقية في قدرة الدولة على الإيفاء بالتزاماتها قصيرة الأجل". ودعا الخبير إلى "العمل على ضبط إيقاع قنوات حركة الدينار والدولار من خلال آليات التحويل وطريقة تنقيد الطلب والنفقات لأنه بدون ذلك ستكون الكارثة قادمة وتتضرر الفئات الأكثر فقراً في المجتمع". من جهته، أوضح المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء مظهر محمد صالح لـ"الصباح"، أنه "ثمة مفارقة يعيشها الاقتصاد اليوم، فبين عوائد نفطية تعد الأعلى في تاريخ البلاد الاقتصادي زادت على 116 مليار دولار، واحتياطيات أجنبية لامست 100 مليار دولار وهي الأعلى أيضاً في تاريخ البلاد المالي، إضافة لفائض في الحساب الجاري لميزان المدفوعات ربما يلامس موجب 15 % من الناتج المحلي الإجمالي وهو أحد المؤشرات الإيجابية الكبيرة التي تدل على قوة القطاع الاقتصادي الخارجي للبلاد". واستدرك صالح أن "كل هذا هناك قيود خارجية لدوائر الامتثال والرقابة الدولية على المدفوعات الدولارية المسؤولة عن تدفق الدولار من إيداعات البلاد الخارجية لتغطية طلبات القطاع الخاص في تجارته الخارجية ولاسيما الاستيرادات، وهو إشارة تحدث للمرة الأولى بعد الحصار الاقتصادي في تسعينيات القرن الماضي".
وذكر بأن هذه الإجراءات "تأتي إزاء ضعف شفافية البعض من الوسط التجاري العراقي وإفصاحه عن تجارته الخارجية بعملة الدولار وهي العملة المسؤولة عن تمويل 85 % من التجارة الدولية، ولكون العراق يقع ضمن منطقة الدولار في تجارته الخارجية".
تحرير: علي عبد الخالق