في الفضاء.. ما الذي ننتظره في 2023؟
مايكل روستون
ترجمة: أنيس الصفار
كانت منجزات العام 2022 في ميادين الفضاء والفلك حافلة ولن يكون من السهل على العام الجديد مضارعتها، فقد أذهلتنا وكالة "ناسا" بصورٍ كونيَّة التقطها تلسكوب الفضاء "جيمس ويب"، كما تمكنت مهمة "دارت" من إصابة كويكب فضائي بصدمة جعلته ينحرف عن مساره صوب مدارٍ جديد، أما المركبة "آرتيمز واحد" فقد خطّت للبشر مساراً يعود بهم الى القمر، في حين انتهت الصين من بناء محطة فضاء جديدة في المدار. أما "سبيس أكس" فقد أطلقت 61 صاروخاً في ظرف 12 شهراً الماضية.
هذه الإنجازات الجبارة سوف يصعب الارتقاء الى مستواها، لكنَّ العام 2023 لن يخلو من بعض الإثارة على منصات الإطلاق وعلى سطح القمر وفي السماء.
صواريخ جديدة
في العام 2022 أطلقت وكالة ناسا من الأرض لأول مرة "نظام الإطلاق من الفضاء" العملاق، وذلك عندما أضاء ليل فلوريدا دفق هائل من اللهب حاملاً معه الى السماء "مهمة آرتيمز1" متجهاً بها نحو القمر. جعل ذلك الاهتمام يتحول الى "سبيس أكس" التي تبني صاروخاً من الجيل القادم يسمى "ستارشب" أي سفينة النجوم. هذا الصاروخ سيكون هو الآخر جزءاً محورياً في مهمة ناسا المأهولة المسماة "آرتيمز 3" في محاولة للهبوط على القمر.
أعطت "سبيس أكس" الإذن بمراجعة بيئيَّة أساسيَّة ستتيح لها إطلاق رحلة طيران مداريّة تجريبيّة غير مأهولة من جنوب تكساس متى ما استوفت الشروط المطلوبة، لكنَّ الصاروخ لم يكن مستعداً للطيران في العام 2022. لم تعلن الشركة بعد عن موعدٍ محددٍ للاختبار خلال العام الجديد ولكنَّ الاختبارات الأرضيَّة النظاميَّة على أجهزة ومعدات "ستارشب" تشير الى أنَّ العمل جارٍ على ذلك.
هناك عددٌ من الصواريخ الأخرى التي قد تقوم بطيرانها الأول خلال العام 2023، أهمها الصاروخ "فولكان سينتشور" التابع لـ "تحالف الإطلاق المتحد" الذي سيحل محل الصاروخ "أطلس 5" التابع للشركة نفسها والذي كان له دورٌ مركزيٌّ في رحلات الفضاء الأميركيَّة على مدى عقدين من الزمن. يعتمد صاروخ فولكان على محركٍ من طراز (BE- 4) وهو من إنتاج شركة "بلو أورجن" للصواريخ التي أسسها "جيف بيزوس". هذا المحرك سوف يستخدم أيضاً في صاروخ "نيو غلين" الذي تصنعه شركة "بلو أورجن" نفسها والذي قد يخضع لاختبار طيران في أواخر العام الحالي.
هناك عددٌ من الشركات الأميركية الخاصة التي يتوقع لها إجراء اختبارات على صواريخ جديدة خلال العام 2023، ومن هذه الشركات "ريلتفتي" و"أي بي آي". من المحتمل أيضاً أنْ تنضمَّ الى هذه الشركات جهاتٌ أجنبيَّة متخصصة بالصواريخ مثل شركة "متسوبيشي للصناعات الثقيلة"، التي يُحتمل أنْ تجري اختباراً للصاروخ الياباني "أتش 3" في شهر شباط المقبل، وشركة "أريانسبيس" التي تعمل على إجراء اختبار طيران للصاروخ الأوروبي "آريان 6".
هبوط جديد على القمر
من مؤكدات العام 2023 أنَّ محاولة واحدة على الأقل سوف تجرى للهبوط على سطح القمر. فشركة "آيسبيس" اليابانيَّة قد أطلقت مهمتها "أم 1" على متن صاروخ "سبيس أكس" في شهر كانون الأول الماضي، وهذه المهمة تتخذ مساراً بطيئاً الى القمر لتوفير استهلاك الوقود ومن المقرر لها أنْ تصلَ الى وجهتها في شهر نيسان المقبل، وعندئذ ستحاول إنزال مركبة جوالة من صنع الإمارات العربيَّة المتحدة ومركبة روبوتيَّة من صنع وكالة الفضاء اليابانيَّة "جي أي أكس أي" بالإضافة الى حمولات أخرى.
من المتوقع كذلك أنْ يشهد العام الحالي خمس محاولات هبوط أخرى على سطح القمر، فقد استأجرت ناسا شركتين خاصتين لنقل حمولات الى سطح القمر. كلتا الشركتين، وهما "إنتوتف مشينز" في هيوستن و"استروبوتيك تكنولوجي" في بتسبرغ، واجهتا عوائق أخرتها في 2022، ولكنهما قد تقومان بالرحلة خلال الأشهر المقبلة.
من المحتمل أيضاً أنْ تنضمَّ الى الشركتين المذكورتين ثلاثة برامج فضاء حكوميَّة للقيام بمهام على القمر. أولها مهمة "شاندرايان 3" الهندية التي أرجئت في السنة الماضية ولكنها قد تكون جاهزة في 2023. كذلك المهمة اليابانيَّة "سمارت لاندر" لاستكشاف القمر، وهي تمثل اختباراً للتكنولوجيا القمريَّة لهذا البلد. أخيراً هناك مهمة "لونا 25" الروسيَّة التي أجلت من شهر أيلول الماضي، بيد أنَّ وكالة الفضاء الروسيَّة "روسكوزموس" قد تعيد المحاولة هذه السنة.
تلسكوبات فضائيَّة جديدة
أبهر تلسكوب ويب هواة مراقبة الفضاء والعلماء بما التقطه من مناظر الكون، ولكننا قد نتمكن من رؤية أشياءٍ جديدة بفضل مجموعة متنوعة من المراصد المداريَّة.
أهم هذه المراصد قد تكون مهمة "شونتيان" الصينية التي من المقرر أنْ تنطلقَ في وقتٍ لاحقٍ من العام الجديد وهي أشبه بنسخة من تلسكوب هابل الفضائي لكنها أكثر تطوراً. هذه المركبة سوف تقوم بمسح الكون بالأطوال الموجيَّة المرئيَّة والموجات فوق البنفسجيَّة من مدار حول الأرض غير بعيدٍ عن محطة الفضاء الصينيَّة "تيانغونغ".
من المتوقع أيضاً إطلاق مهمة "كريسم" بقيادة اليابان في وقتٍ مبكرٍ من هذه السنة. هذه المهمة ستستخدم أسلوب التصوير الطيفي بأشعة أكس لدراسة سحب البلازما، وهذا قد يساعد في تفسير البنية الكونيَّة. من المحتمل أيضاً أنْ يتمَّ إطلاق تلسكوب الفضاء الأوروبي "إقليد" على متن صاروخ "سبيس أكس" بعد أنْ تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا بفقدانه مقعده على صاروخ "سويوز" الروسي. هذا التلسكوب سوف يقوم بدراسة الطاقة الكونية المظلمة والمادة السوداء.
مهمات جديدة الى الكواكب
خلال هذا العام ستتوجه مركبة فضائيَّة جديدة الى كوكب المشتري (جوبيتر) بهدف أنْ تصبح أول مركبة على الإطلاق تدور حول أقمارٍ تابعة لكوكبٍ آخر غير الأرض. هذه المركبة عائدة لوكالة الفضاء الأوروبية المسماة "جوس" (وهو اختصار لعبارة مستكشفة أقمار المشتري الثلجيَّة التابعة لوكالة الفضاء الأوروبيَّة) سوف تنطلق من صاروخ "أريان 5" في وقتٍ مبكرٍ قد لا يتعدى 5 نيسان، أما موعد وصولها فسوف يكون في العام 2031. بمجرد وصولها الى هذا العملاق الغازي سوف تتحرك للقيام بـ35 دورة طيران حول ثلاثة من أقمار الكوكب العملاق هي "كاليستو" و"يوروبا" و"غانيميد" التي يعتقد أنها جميعاً تضمُّ بِحاراً تحت السطح. في العام 2034 سوف تبدأ المركبة بالدوران حول القمر "غانيميد" وهو أكبر الأقمار في مجموعتنا الشمسية.
كسوف كلي وثانٍ ليس كلياً تماماً
سيشهد العام 2023 كسوفين للشمس. ففي 20 نيسان سيكون هناك كسوفٌ كليٌّ، ولكنه حدث يشهده النصف الجنوبي من الكرة الأرضيَّة أكثر من سواه، فالقمر لن يحجب الشمس كلياً إلا في أنحاءٍ نائية من استراليا واندونيسيا.
بيد أنَّ الأميركيين قد يحظون بعرضٍ ساحرٍ في 14 تشرين الأول عندما يزور أميركا الشمالية كسوفٌ حلقي. هذا النوع من الكسوف يسمى أحياناً "حلقة النار" لأنَّ القمر يكون بعيداً عن الأرض بمسافة لا تسمح له بحجب الشمس تماماً بل يخلق تأثيراً يشبه الحلقة عند بلوغ الكسوف نقطة ذروته. مسار هذا الكسوف سوف يمرُّ عبر أجزاءٍ من ولايات أوريغون وكاليفورنيا ونيفادا ويوتا وأريزونا ونيومكسيكو وتكساس قبل أنْ ينعطفَ ويختفي في أميركا الوسطى والجنوبية. إذا ما كان الجو مناسباً سيكون هذا الاستعراض الشمسي رائعاً ومقدمة لطيفة للكسوف الكلي الذي سيحدث في 8 نيسان 2024 الذي سيقطع الولايات المتحدة من جنوبها الغربي الى شمالها الشرقي.
عن صحيفة "نيويورك تايمز"