تركيا وشروطها الأطلسية

قضايا عربية ودولية 2023/01/11
...

علي حسن الفواز

تركيا الأطلسية تبحث عن هوية أوروبية، وهذا الطموح أو الحلم مازال يواجه اعتراضاً من قبل البعض، فتركيا ترفض البقاء على القنطرة مابين الشرق والغرب، وهذا مايدفعها إلى استثمار وظيفتها الأطلسية للاعتراض على انضمام السويد وفلندا إلى حلف شمال الأطلسي، وتحت يافطة "طلب أمور لا نستطيع ولا نريد تلبيتها" قال رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون،: لاسيما مايتعلّق بأشخاص تتهمهم تركيا بأن لهم صلة بالإرهاب، وحظر التعامل مع عناصر حزب العمال الكوردستاني المعارض.

الموقف التركي ليس بعيداً عن سياسة الضغط، ولا عن الرغبة في لعب دور أكبر في أوروبا، وفي التعاطي مع تحدياتها التي تخصّ الحرب في أوكرانيا، وفي مواجهة أزمات الطاقة والغذاء، وهي قضايا حرجة، وتأخذ مسارات قد تجعل من حلف شمال الأطلسي، ومن الأوربيين أكثر مرونة إزاء المطالب التركية،  وحتى الحديث عن "التدابير الإيجابية" التي سبق أن تحدّث عنها وزير الخارجية التركية مولود أغلو، فإنها تدخل في باب المناورات السياسية،  لأن الأمر مرهون بسياسات وإجراءات تبحث تركيا من خلالها، عن جني فوائد تتعلق بمصالحها، وبإمكانية دخولها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن لعب دور الوسيط المتوازن والعقلاني في حرب الممرات بين روسيا والغرب.

البحث عن حلول، إن كان في السر أو في العلن يحتاج إلى كثير من الضغط السياسي، وإلى تفاهمات، قد تكون هي الأقرب للتنازلات، لكن ذلك ليس سهلاً، فبقدر ما يتطلب وقتاً، وحواراً، فإنه يفترض تفاعلاً مع المطالب التركية، ومنها مايتعلق بتسليم أحد الصحفيين الأتراك الموجود في السويد، والمتهم بأنه من أنصار المعارض التركي فتح الله كول.

من جانب آخر فإن دخول السويد وفلندا إلى حلف الأطلسي لا يعني تكامل جبهة الحرب العسكرية ضد روسيا، بل يعني أيضاً هروباً من مشكلات داخلية، ومن أزمات اقتصادية وشعبية، أخذت تشكّل عامل ضغط على الحكومات، لاسيما أن أزمات الطاقة والغذاء والتضخم والبطالة، وربما الركود الاقتصادي، باتت تُهدد مستقبل أوروبا، وهو ما يتطلّب البحث عن تحالفات صيانية، حتى إن كانت عسكرية وأمنية لتخفيف صدمات ما قد يحدث في الأيام المقبلة.