حسن العاني
منذ أن تعرفت مصادفة على صديقي الميساني الرائع، يوسف في شارع المتنبي قبل 13 سنة تقريباً، ونحن نلتقي باستمرار، سواء في مقهانا المفضل أم في ارتياد المعارض الفنية أو حضور الفعاليات الثقافية، وعادةً ما ينتهي اللقاء بوجبة عشاء 

بسيطة. 

كنا نتحاور بدون توقف، وحواراتنا مفتوحة، غير مؤطرة بموضوع معين، وفي أحيان كثيرة تتنقل الأحاديث بنا إلى الخصوصيات والأسرار الشخصية، وقد عرفتُ عنه – في ما مضى من حياته – أسراراً تشبه الفضائح لا تصلح للنشر، وعرف عني – في ما مضى من حياتي – أسراراً أكبر من الفضائح، وبالطبع هناك خصوصيات ظريفة من بينها على سبيل المثال أنه (رسب) في المرحلة الابتدائية ثلاث مرات، لأنه كان يتهرب من المدرسة، ويعمل سراً مع صاحب دكان قبل أن يعرف والده فيشبعه ضرباً، وأذكر أنني حدثته مرة عن هوسي بكرة القدم، وإنني كنت في العام الدراسي 1958/ 1959 أفضل لاعب في منتخب الثانوية، ولولا تدخل والدي وحرماني لأصبحت من لاعبي المنتخب الوطني المتميزين!.

صديقي يوسف إنسان رائع، سخي اليد كريم النفس، إلا أن شخصيته قائمة على المزاح والمقالب، وها هو قبل زمن غير بعيد، يتصل بي من ميسان ويدعوني بإلحاح لحضور فعالية مهمة تقيمها المحافظة، وهو المسؤول عنها، وقد اعتذرت، ولكنني لم أفلح، وهكذا سافرت وأخذت معي بعض مجاميعي القصصية والروائية وعدداً من مقالاتي الصحفية، وخاصة المنشورة في جريدة الصباح الغراء، تحسباً لأي حوار وأية أسئلة.

في الطريق إلى ميسان، كان اثنان من الركاب يتحدثان بصوت مسموع وكأنهما في مقهى الطرف، قال أحدهما لزميله [اشو صاحبنا أول ما صار مدير عام دﮒ على صدره.. أني عِدْ عيناكم.. وآني وآني.. وشتريدون ما أقصر.. وبعدين كل شي ماكو] [يمعود.. كلهم نفس الشي] [شلون ؟!] [يعني أي واحد منهم يصعد ينطي أشكال الوعود، وبالنتيجة.. شوفت عينك.. صاحبنا مثل خيل الشرطة.. بس أول ركضة أو هدّه مثل ميكولون] [بالمناسبة شنو أصل هذا المثل؟] [والله ما أدري]، تدخل أحد الركاب [أني سامع.. اكو بالجيش فصيل يستعمل الخيل، اسمه الخيالة، وبعد كم سنة من تتعب الخيول يحولوها للشرطة، وهذي تركض خمس دقايق وتفحط] وتدخل أكثر من راكب، وسمعت أكثر من رأي لا أعرف أيها الأصوب، و وصلت المحافظة، وفي الليل فوجئت بجلسة في بيت صديقي يوسف، وقد قدمني إلى أصدقائه على النحو التالي [يتفضل صديقي حسن العاني لإلقاء محاضرة حول تجربته مع كرة القدم كونه لاعب منتخب]!.