زيارة السوداني إلى برلين.. تأسيس لشراكة ستراتيجية مع ألمانيا

العراق 2023/01/14
...

 بغداد: محمد الأنصاري


أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أمس الجمعة، توقيع مذكرة تفاهم مع شركة "سيمنس" الألمانية لزيادة إنتاج الطاقة وتحسين عمليتي النقل والتوزيع وتقليل الضائعات، مبيناً أن المباحثات مع المسؤولين الألمان في برلين تؤسس لشراكة ستراتيجية بين البلدين.

وقال السوداني خلال مؤتمر صحفي مشترك مع المستشار الألماني أولاف شولتس: إن "روحاً إيجابية سادت اجتماعنا مع المستشار الألماني وستؤسس لشراكة ستراتيجية"، مؤكداً أن "ألمانيا دعمت العراق أمنياً واستخبارياً وهناك فريق استشاري يعمل مع القوات العراقية".

وأضاف، أن "أجهزتنا الأمنية بكامل صنوفها قادرة على ردع الإرهاب والعراق لا يحتاج إلى قوات قتالية من التحالف الدولي وما موجود هو فريق دعم للاستشارة والتدريب"، وتابع أن "عملية وجود مستشاري التحالف الدولي تخضع حالياً إلى مراجعة لتحديد حجمها ونوعية المهام في ظل الحاجة لتدعيم القوات العراقية تدريبياً لأن خطر عصابات (داعش) الإرهابية ما زال قائماً".

وفي الملف الاقتصادي والخدمي، أكد السوداني أن "برنامج الحكومة وضع في أولوياتها تحسين الخدمات وتخفيف نسب الفقر ومكافحة الفساد"، مبيناً أننا "ناقشنا في ألمانيا فرص استثمار الغاز المصاحب وقطاع البتروكيمياويات في العراق، ونرغب بدخول شركات ألمانية إلى العراق في قطاعات الصحة والتعليم والزراعة".

وتابع أن "اللقاء مع المستشار الألماني ناقش ملف استرداد الأموال المهربة من العراق واستعادة الآثار، وتطرقنا إلى الاستفادة من تجربة ألمانيا في مجال الطاقة المتجددة ومواجهة التغير المناخي".

وعن علاقات العراقية الخارجية، أوضح السوداني أن "الحكومة حريصة على اتخاذ منهج العلاقات المتوازنة إقليمياً ودولياً، والعراق يدعم تقريب وجهات النظر وإزالة التوترات في المنطقة".

وفي ملف الطاقة، أعلن رئيس الوزراء توقيع مذكرة تفاهم مع شركة "سيمنس" لزيادة الإنتاج وتحسين عملتي النقل والتوزيع وتقليل الضائعات وضمان استقرارية الطاقة، لافتاً إلى أن "الحكومة وضعت التخصيصات المالية اللازمة لتنفيذ مذكرة التفاهم".

وأشار إلى أن "العراق دولة مهمة في مجال الطاقة على صعيد إنتاج النفط والخزين الستراتيجي، ولدينا خطط لاستثمار الغاز المصاحب والطبيعي ونمتلك خزيناً كبيراً لم يستثمر"، داعياً الشركات الألمانية "للاستثمار في قطاع الغاز"، وأكمل أن "العراق لديه مشاريع ستراتيجية كبيرة تنفذ حالياً من بينها إنشاء ميناء الفاو وهو الأكبر في الشرق الأوسط".


دعم ألماني

بدوره، قال المستشار الألماني أولاف شولتس، خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع السوداني: إنه "تم الاتفاق على برنامج عمل للتعاون بين ألمانيا والعراق"، مؤكداً "دعم بلاده لتنويع الاقتصاد ومصادر الدخل القومي في البلاد".

وأضاف، أن "حكومة بلاده تدعم تركيز الحكومة الجديدة في العراق على الإصلاحات الاقتصادية وتوفير فرص العمل"، معرباً عن "ترحيبه باتفاق وزارة الكهرباء العراقية مع شركة (سيمنس) لتحديث المنظومة في العراق"، وأكد: "ندعم إنشاء بنى تحتية مستقرة لقطاع الكهرباء في العراق"، لافتاً إلى أنه "من الممكن أن يكون العراق شريكاً في توريد النفط والغاز".     

وعن التغير المناخي، أشار شولتس إلى أن "العراق أحد البلدان المتأثرة بالتغير المناخي ويجب زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة"، موضحاً، أنه "تمت كذلك مناقشة ملف الهجرة وكيف يمكن التعاون لإعادة المهاجرين العراقيين الراغبين بالعودة".


جولة مباحثات

وترأس رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والمستشار الألماني أولاف شولتس، قبل المؤتمر الصحفي، جولة مباحثات بين العراق وألمانيا، وتناولت المباحثات أوجه التعاون المشترك وتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية، والشراكة الستراتيجية بين العراق وألمانيا، والخطوات اللازمة لتفعيل وتوسعة الاتفاقات في مجال الطاقة والطاقة البديلة والمتجددة، وتعزيز مشاركة الشركات الألمانية في قطاع الاستثمار بالعراق.

وضم الوفد الرسمي العراقي في جولة المباحثات مع المسؤولين الألمان؛ نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية فـؤاد حسين، ووزير الكهرباء زياد علي فاضل، ووزير الصناعة خالد بتال، ووزيرة الهجرة والمهجرين إيـفـان فائق يعقوب، ومثّل الحضور من الجانب الألماني مستشار الاقتصاد والسياسة المالية ستيفن ماير، والممثل عن المجلس الحكومي دانيال كريبير، ومستشار المجلس الوزاري للسياسة الخارجية والأمنية ينس بلوتنر، وعدد من وزراء الدولة الألمان.

وجرت أمس الجمعة، مراسم استقبال رسمية لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في مقرّ المستشارية الألمانية بالعاصمة برلين، وكان على رأس المستقبلين مستشار جمهورية ألمانيا الاتحادية أولاف شولتس.

وعقد السوداني بعد ذلك لقاءً ثنائياً مع المستشار الألماني، تضمن استعراضاً شاملاً لملفات التعاون الثنائية وسبل تطويرها، وفي مقدمتها ملفات الطاقة والطاقة المتجددة، وفرص توسعة مشاركة الشركات الألمانية في تنمية البنى التحتية الخدمية في العراق.


لقاءات رسمية

وكان السوداني التقى الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، في وقت سابق أمس الجمعة، وجرى بحث توطيد العلاقات الثنائية بين العراق وألمانيا، وتناول اللقاء بين الجانبين مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل توطيدها، فضلاً عن مناقشة عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

وشهد اللقاء البحث في آليات التعاون المتبادل بين البلدين الصديقين، وسبل تطويره وتوسعته في مختلف مجالات الاقتصاد والطاقة، بما يسهم في تعزيز مصالح البلدين وازدهار شعبيهما.

واستقبل رئيس الوزراء في مقر إقامته بالعاصمة برلين، وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية سفينيا شولتسه، وشهد اللقاء البحث في عدد من ملفات التعاون في مجال التنمية والاقتصاد والاستثمار، وتعزيز الشراكة بين الجانبين بهذا الصدد، فضلاً عن تأكيد التعاون مع ألمانيا في مجال التدريب المهني، الذي يعد أحد توجّهات الحكومة نحو تطوير القدرات والمهارات واكتساب الخبرات بما يعزز سوق العمل وتنمية القطاع الخاص. وأكد السوداني، بحسب بيان لمكتبه الإعلامي، "رغبة العراق في التعاون مع ألمانيا، بالشكل الذي يصب في تحقيق الأولويات التي تتبناها الحكومة في مجال تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل، عبر تفعيل قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة وغيرها من القطاعات الحيوية في العراق".


شركات واستثمار

كما التقى رئيس الوزراء، ممثلي الشركات الألمانية، في الدعوة التي أقامتها "غرفة التجارة العربية الألمانية" في برلين، حيث أكد أن "الحكومة العراقية الجديدة تتوجه نحو المزيد من مشاركة الشركات الألمانية في إعادة الإعمار وتطوير البنية التحتية"، وأضاف أن "العراق يضـع ثقته بالشركات الألمانية، لما تمتاز به من خبرة وكفاءة عاليتين وسمعة عالمية".

وأشار السوداني إلى أن "الحكومة العراقية تسعى إلى تشخيص التحديات التي تواجه عملية الاستثمار في العراق، ووضعها في الاتجاه الذي ينسجم مع المعايير العالمية"، وتابع السوداني أن "الحكومة تعمل على تذليل العقبات أمام عمل الشركات في العراق، وتقديم التسهيلات اللازمة، والحد من البيروقراطية التي تواجه المستثمرين وتبسيط الإجراءات".

ولفت إلى أن" الحكومة عمدت على تسهيل منح سمات الدخول إلى الأراضي العراقية للمستثمرين مباشرة في المنافذ الحدودية العراقية (البرية، والبحرية، والجوية) لغرض الاستثمار"، داعياً الشركات الألمانية "للاستثمار في العراق بمختلف المجالات، لاسيما الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة والغاز والبتروكيمياويات".

وتابع: أنه "من المتوقع أن تكون كلف إنتاج الطاقة المتجددة في العراق منخفضة مقارنة بالدول الأخرى، وكذلك دعم خطة الحكومة العراقية في تطوير قطاع الطاقة والكهرباء"، وحث السوداني "الشركات الألمانية للمشاركة الفعالة في المعارض والمؤتمرات المشتركة، التي ستمثل خارطة طريق في عمل الشركات الألمانية في العراق".

ونوه إلى أن "الحكومة تسـعى إلى فتح خطوط جوية بين العاصمتين بغداد وبرلين وباقي المدن العراقية والألمانية، لتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية والسياحية بين البلدين"، وأضاف، "نطمح إلى شراكة ستراتيجية وتعاون في جميع المجالات بين البلدين".

وأكد السوداني على "اشتراك شركات القطاع الخاص العراقي بالمشاريع التي في عهدة الشركات الألمانية، وعمل شراكات استثمارية بين الجانبين، لتحقيق الشراكة الستراتيجية وديمومتها"، مشدداً على "أهمية تنشيط السياحة بطريقة المجاميع السياحية، لزيارة المناطق الأثرية والسياحية بالعراق، وتجاوز العقبات".


ملفات مهمة

وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وصل مساء أمس الأول الخميس إلى العاصمة الألمانية برلين على رأس وفد حكومي رفيع، في زيارة رسمية تلبية لدعوة من المستشار الألماني أولاف شولتس.

وقال السوداني قبيل مغادرته العاصمة بغداد متوجهاً إلى ألمانيا: إن "الزيارة تأتي ضمن سياق العلاقة المتميزة بين البلدين، كما أن هذه الزيارة تختلف عن الزيارات السابقة لمسؤولين سابقين لأنها تتضمن خطة عمل مشتركة بين البلدين، ومذكرات تفاهم ستنفذ فوراً بحكم التخصيصات المالية المرصودة واتفاقات مبدئية سيتم استكمالها أثناء الزيارة".

ولفت إلى "بنود مهمة تتضمنها الزيارة تتعلق بالكهرباء، حيث سيتم توقيع مذكرة تفاهم تنطوي على فقرات تمثل خطة واعدة للنهوض بقطاع الكهرباء مع شركة (سيمنس)، في مجال الإنتاج والنقل والتوزيع"، موضحاً أن "المذكرة ستتضمن عقداً طويل الأمد لأعمال التأهيل والصيانة، متجاوزةً العقبات التي كانت تواجه هذا الجانب، وستوفر كلفاً بحدود 20% وتضمن انسيابيةً في أعمال الصيانة وبقاء المحطات بكامل طاقاتها التصميمية".

وأوضح أنه "سنعرض خلال الزيارة فرصاً مهمة في مجال الغاز المصاحب والطبيعي، وفرصاً أخرى في قطاع البتروكيمياويات، كما سيحظى محور التغيرات المناخية باهتمام هو الآخر، فضلاً عن مبادرات وبرامج في مجال التنمية البشرية والتدريب المهني والتعليم العالي، إلى جانب التعاون المالي والمصرفي، بما يسهم في تطوير الاقتصاد ويوفر البيئة الجاذبة للشركات وقطاع الأعمال".