مافيات الاتجار بالبشر سرطان يفتك بالمجتمع

العراق 2023/01/16
...

 بغداد: رغد دحام


كشفت أرقام شبه رسمية عن أن معدل جرائم الاتجار بالبشر في العراق مازال مرتفعاً رغم العقوبات التي يفرضها القانون على مرتكبيها، حيث شهد العام 2021 وحده أكثر من 300 جريمة تراوحت بين الاستغلال الجنسي والمتاجرة بالنساء والأطفال وتجنيد المتسولين وبيع الأعضاء، ويصف خبراء قانون ومختصون هذه الجرائم بالسرطان الذي يستشري ليفتك بالمجتمع لانتهاك مرتكبيها كل الأعراف ومبادئ حقوق الإنسان، عازين ازدياد هذه الجرائم وبقاء معدلاتها أعلى من المستوى إلى ضعف الإجراءات التنفيذية وعدم الصرامة بتنفيذ فقرات عقوبات القانون رقم 28 لسنة 2012 الخاص بها.ففي الـ28 من شباط عام 20142 صوّت مجلس النواب على قانون مكافحة الاتجار بالبشر الذي يتضمن 14 مادة قانونية، إلا أنه وعلى الرغم من مرور عشرة أعوام على إقرار القانون إلا أن تلك الظاهرة انتشرت كثيراً، وتشكلت مافيات وعصابات مختصة بها، فتقسمت تلك العصابات بين التي تتاجر بالبشر كاملاً وبين التي تتاجر بالأعضاء البشرية.ووفق تقرير نشره "معهد واشنطن" العام الماضي 2022، فإن قضية الاتجار بالبشر أصبحت ملحة بشكل متزايد في العراق، وقال المعهد إن انتشار التجارة بالبشر في العراق بدأ بعد العام 2003 بأشكال مختلفة، ما بين استغلال الأطفال للتسول، وإجبار النساء على العمل في شبكات الدعارة وتجارة الأعضاء البشرية.

وأكد عضو اللجنة القانونية النيابية، عارف الحمامي، في حديث لـ"الصباح"، أن "ضوابط القانون واضحة وصريحة، إلا أن إجراءات السلطة التنفيذية تحتاج إلى صرامة أكبر في التنفيذ"، مبيناً أن "الخلل في الوقت الراهن يكون في التنفيذ ويجب أن يكون هناك توجه صارم وقوي باتجاه هكذا جرائم" .وأضاف أن "هناك جملة من القوانين التي تحتاج إلى وقفة وتنفيذ جاد من قبل الجهات التنفيذية المسؤولة كالمخدرات والاتجار بالبشر"، مجدداً تأكيده أن "فقرات القانون 28 تفي بالغرض، إلا أن الإجراءات الضعيفة للسلطة التنفيذية حالت دون تطبيقه بصورة صحيحة" .

بدوره، بين الخبير القانوني علي التميمي، في حديث لـ"الصباح"، أن "قانون مكافحة الاتجار بالبشر تضمنت بنوده بعضاً من قانون العقوبات العراقي في مواده 390 و391 و392 منه بالحبس البسيط والغرامات على التسول أو الإيداع في دور الدولة في حالة التكرار، لكن عند التمعن في نص المواد أعلاه تجدها تجيز التسول لمن لا عمل له هكذا يفهم النص"، موضحاً "أنني لست مع العقوبات، ولكن عند إيجاد البدائل يمكن إيقاع العقاب" .وأضاف أن "قانون الاتجار بالبشر 28 لسنة 20122 عاقب من الحبس إلى الإعدام والغرامات من 5 إلى 10 ملايين دينار على الاتجار بالبشر"، مبيناً أن "قانون رعاية الأحداث العراقي رقم 76 صدر عام 1983 وهو يحتاج إلى تعديل بهذا الجانب لمعالجة مشكلة الطفولة"، لافتاً إلى أن "تطبيق قانون مكافحة الاتجار بالبشر يحتاج إلى جهد استخباري عالٍ وتعاون مجتمعي وتفعيل البلاغات" .وتروي مواقع التواصل الاجتماعي قصصاً مروعة كثيرة لضحايا الاتجار بالبشر، فبين منشورات ومحتويات لجثة رجل ستيني مرمية في قارعة الطريق بعد سرقة أعضائه الجسدية وبين شابة وقعت ضحية للابتزاز لتصل الأمور إلى الاتجار بها.أما المفوضية العليا لحقوق الإنسان السابقة، فبينت أنه لا يوجد أي خلل في تطبيق القوانين من الجهات التنفيذية إلا أن الأمور وقعت بيد عصابات لها خبرة بهذا الأمر.وبينت عضوة المفوضية السابقة، فاتن الحلفي، في حديث لـ"الصباح"، أن "هناك مديرية خاصة في وزارة الداخلية تُدعى مديرية مكافحة الاتجار بالبشر وهي معنية بتلك الإجراءات"، لافتة إلى أن "الضغوط الاجتماعية والانفتاح الاقتصادي فضلاً عن الوضع الاجتماعي للبعض كل أثر كثيراً في ازدياد هذه الحالات" .

تحرير: محمد الأنصاري