العاصمة بغداد تستنشق الحياة برفع الكتل الكونكريتية

العراق 2019/04/06
...

بغداد/هدى العزاوي / أحمد محمد
 
ما ان أعلن رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي رفع الكتل الكونكريتية عن أكثر المواقع العسكرية تحصيناً في بغداد والتي حاول الارهاب استهدافها طوال سنوات مضت، حتى رجع تدفق الحياة في العاصمة بغداد وسمح لأوكسجين وجودها أن يمر الى افئدتها لتعانق عشاقها البغداديين وتحتضنهم بصدرها الدافئ، ولتعيد عزف أغاني المحبة والسلام بين أرجاء أزقتها وشوارعها من جديد.

اللواء جاسم يحيى عبد علي من الفرقة الخاصة لمكتب رئيس الوزراء، قال في تصريح لـ»الصباح»: إن «رفع الكتل الكونكريتية أتاح للعاصمة بغداد أن تظهر بوجهها المشرق الذي لطالما مثل الماضي والحاضر والمستقبل بأبهى حالته، فضلاً عن فض الزحام المروري الذي خنق شوارعها لسنوات عجاف مضت»، لافتاً إلى أن «رفع الكتل التي كانت تحيط بأغلب منشآت الدولة كان خطوة ايجابية لتعزيز أواصر الثقة بين المواطنين وتلك الجهات».
وعن مصير الكتل الكونكريتية التي تم رفعها، يؤكد عبد علي، أنه «بأمر من القائد العام للقوات المسلحة وبالتنسيق المباشر مع السكرتير الشخصي  الفريق الركن محمد حميد البياتي تم إيصال خمسة آلاف كتلة كونكريتية -تم رفعها عن المنطقة الخضراء ومحيطها- الى منطقة الشحيمية لغرض بناء مخازن لتخزين الفائض من إنتاج الحبوب لهذا الموسم، وأول مدينة ستشهد بناء هذه المخازن هي مدينة
الكوت».
وكشف اللواء عبد علي عن أنه «سيتم فتح الطريق القادم من منطقة الحارثية باتجاه شارعي الكندي والقادسية الى مطار بغداد وعلى مدار (24) ساعة دون أي توقيتات خلال الايام المقبلة، كما سيشهد ذلك أيضاً الطريق القادم من الحارثية داخل باتجاه الحارثية الى نصب الساعة، وفتح طريق المطار باتجاه (سيطرة أو نقطة شاهين سابقاً) التي تم الغاؤها ليصبح الدخول مباشرة الى طريق القادسية باتجاه ساحة النسور، أما الطريق القادم من القادسية باتجاه ساحة النسور فقد شهد فعليا فتحه منذ نحو أسبوع دون أي معوقات وهذا ما انعكس بشكل إيجابي على حركة تنظيم سير المركبات».
 
مخازن للحبوب
خلال الاشهر الثلاثة الماضية تمكنت قيادة عمليات بغداد من رفع أكثر من خمسة آلاف كتلة كونكريتية، هذا ما أعلنه العميد الركن عصام طاهر العباسي من قيادة العمليات، وأضاف في تصريح خاص لـ»الصباح»: «نحن نعمل بوتيرة سريعة لرفع الكتل الكونكريتية المحيطة بمختلف المنشآت التابعة للدولة، إضافة الى الجوامع والحسينيات، والآن نعمل على رفع الكتل الموجودة أمام الأمانة العامة لمجلس الوزراء ورفع الكتل القريبة من المنطقة الخضراء ونقلها الى مناطق اخلاء الكتل والتي ستتم الاستفادة منها لغرض حماية بغداد من جهة الشمال في منطقة الطارمية».
وأشار العباسي، إلى أن “أكثر من عشرة آلاف كتله كونكريتية سيتم ترحيلها الى محافظة الكوت لغرض عمل صوامع لحفظ محصولي الحنطة والشعير، وبالتالي ستتم الاستفادة من الكتل الكونكريتية بما يفيد الحماية الامنية والمنتج المحلي الفائض لهذا العام”، مختتما حديثه بالقول: إن “بغداد ستشهد خلال الاشهر القادمة خلوها من الكتل الكونكريتية المحيطة بمؤسساتها وتستعيد ألقها 
من جديد”.
غمامة سوداء
من جانبه، يقول الناطق باسم أمانة بغداد حكيم عبد الزهرة لـ”الصباح”: “لقد أسهم رفع الكتل الكونكريتية في جعل العاصمة تتنفس وتظهر معالمها التي كانت تخفيها هذه الغمامة السوداء لسنوات طويلة، فضلا عن تسهيل حركة المواطنين والتخفيف من الزحام المروري الذي كانت تسببها المناطق المغلقة وهذا ما جعل المواطن في حالة ارتياح نفسي وكأنه يرى مدينته لأول مرة وهي خالية من الشوائب”.
ويؤكد عبد الزهرة، أن “رفع الكتل اتاح لأمانة بغداد الفرصة لاستكمال ترميم المناطق التي رفعت عنها الكتل وإعادة تأهيلها، لذا فإن هذه الخطوة كانت رائعة من أجل خدمة المواطنين وكسر الحواجز التي كانت تفرضها هذه الكتل وتعيق مجرى حياتهم، وبالتالي فإن رفع الحيف عن معالم بغداد أسهم وبشكل كبير في إظهار جمال العاصمة المغيب منذ عدة سنوات كانت متعلقة باسباب
أمنية”.
 
عمل مشترك
بدوره، يوضح معاون مدير عام العلاقات والاعلام في أمانة بغداد عبد المنعم ناصر العيساوي في حديثه لـ”الصباح”، أن “هناك جهداً وعملاً مشتركاً من قبل أمانة بغداد والفرقة الخاصة لمكتب رئيس الوزراء وقيادة عمليات بغداد لرفع الكتل الكونكريتية عن محيط الوزارات والدوائر والجامعات والمؤسسات الحكومية والشوارع المغلقة،  وهناك مساهمة فاعلة من شعبة الآليات في دائرة الوحدات الانتاجية التي تتولى بدورها رفع الكتل وتجميعها في المواقع المخصصة لها قبل نقلها الى مواقع التجميع خارج حدود أمانة 
بغداد”.
ويضيف العيساوي، “تتولى دوائر البلدية إعادة تأهيل المواقع التي يتم رفع الكتل عنها والتي تتضمن أعمال تنظيف ورفع المخلفات، إضافة الى تطوير القارض الجانبي ورصف المقروض منه وتعويضه بآخر، فضلا عن ترقيع وإعادة إكساء الشوارع التي اصيبت نتيجة القطع لمدة طويلة وزراعة النباتات ورفع التالف منها لتعود بغداد زاهية من
 جديد”.
 
مناطق الاخلاء
ويبين مدير عام دائرة الوحدات الإنتاجية في أمانة بغداد المهندس عبد الجبار الجزائري في تصريح لـ”الصباح”، أنه “بجهد أمانة بغداد والفرقة الخاصة لوزارة الدفاع تم رفع اكثر من 20  الف كتلة كونكريتية عن جانبي الكرخ والرصافة”.
وأضاف الجزائري، أن “المناطق التي رفعت الكتل عنها هي (شارع الرشيد، مصرف الرافدين، مديرية الجوازات العامة، مكافحة الجرائم، شارع سيد ادريس، بعض شوارع الكرادة، مجلس المحافظة، المنطقة المقابلة لتمثال الملك فيصل الاول، محكمة ومستشفى منطقة الشعلة، مركز شرطة العلوية، المنطقة الخضراء، ساحة الاحتفالات قرب مسرح المنصور، المنطقة قرب السفارة السويدية، بوابة (9)، منطقة المعامل اضافة الى وزارة الزراعة، مديرية زراعة بغداد، فندق فلسطين ميريديان وفندق عشتار»، مؤكداً أن «العمل مستمر منذ أكثر من شهرين وبإشراف مباشر من قبل أمين بغداد الدكتورة ذكرى علوش».
وأشاد الجزائري في ختام حديثه، «بجهود قيادة عمليات بغداد والفرقة الخاصة لمكتب رئيس الوزراء لإسنادهم المستمر للأمانة باستكمال أعمالها على أكمل وجه»، مؤكداً «إننا سنستمر على هذه الوتيرة الى أن يتم إخلاء بغداد من كافة الكتل الكونكريتية وبمختلف أحجامها». 
معاون المدير العام الأمني لأمانة بغداد علاء الدين نجم، يقول في تصريح لـ»الصباح»: إن «هناك قوة متمثلة بمديرية شرطة أمانة بغداد واجبها إسناد الدوائر البلدية الاربع عشرة لرفع الكتل الكونكريتية وإزالة التجاوزات ضمن الرقعة الجغرافية التابعة للبلدية وعلى مدار 24 ساعة من العمل المستمر».
ويبين نجم، أنه «قد تم استحداث قسمين مستقلين مرتبطين بمكتب وكيل البلدية؛ القسم الاول في حي المعامل بعد بغداد الجديدة، والثاني في منطقة بوب الشام بعد منطقة الشعب، لاستمرار العمل على وتيرة واحدة وإعادة بغداد الى ألقها السابق، كما وإن هناك واجبات يومية وعلى مدار أيام الاسبوع لتقديم المساندة والحماية لدوائر البلدية لرفع التجاوزات عن الازقة والمحال وكل مايشوه العاصمة وإعادة تأهيلها بما يتناسب مع مستقبلها المشرق».
 
فك الاختناقات
مدير العلاقات والإعلام في مديرية المرور العامة العميد مؤيد خليل سلمان، قال في تصريح لـ»الصباح»: «لقد أغلقت العديد من الطرق منذ عام 2003 نظرا للحالة الامنية التي عانى منها البلد آنذاك، ولكن بعد استتباب الوضع الامني وبناء على مقترح مقدم من مديرية المرور العامة بالتعاون مع قيادة عمليات بغداد الى رئيس الوزراء  لفتح الطرق ورفع الصبات الكونكريتية، فقد كانت الاستجابة سريعة من قبل القائد العام للقوات المسلحة وفتح (80) بالمئة من الطرق المغلقة لغرض التقليل من الزخم الحاصل وتنظيم حركة السير والمركبات التي كان سببها الاول الاستيراد العشوائي للمركبات، إذ سجلت مديرية المرور العامة في بغداد فقط مليوناً وثمنمئة ألف مركبة تم استيرادها، فضلا عن المركبات التي تدخل الى العاصمة من باقي المحافظات، لذا فإن رفع الكتل الكونكريتية وفتح الطرق قلل من الزخم المروري بنسبة 50 بالمئة لأن شوارع بغداد مصممة هندسيا لاستيعاب (200) الف مركبة».وأوضح العميد سلمان، أن «رفع الكتل الكونكريتية أسهم الى حد ما في التقليل من الزخم المروري وانعاش مدينة بغداد التي كانت تعاني من اختناقات حادة في وقت سابق، وكذلك تنظيم حركة السير أمام المواطنين الذين شعروا بهذه الانسيابية خلال تجوالهم في ساعات الذروة عند ساعات الدوام الرسمي ونهايته».