{خليجي 25} عودة الدفء العراقي العربي

العراق 2023/01/19
...

 بغداد: حيدر الجابر


يُسدل الستار اليوم الخميس على فعاليات بطولة «خليجي 25» التي استضافتها البصرة، في محطة مهمة عراقياً وخليجياً، إذ اتفق الجميع على أنها واحدة من أكثر البطولات زخماً وإيجابيَّة شعبية وجماهيرية، وأدى الإعلام الخليجي دوراً مهماً في نقل الصورة الواضحة والحقيقية لما يجري في العراق، ولا سيما الإعلام القطري، الذي انفرد منذ بضع سنوات بالابتعاد عن الجو الخليجي التقليدي، وطغت خلال البطولة الصورة الحقيقية على الصورة النمطية المصدّرة عن العراق، حيث بدت البصرة مدينة عالمية في منشآتها وإجراءاتها، بينما كان يجري الحديث عربياً عن أنها مصدر دائم للأزمات والتوتر.

ودعا عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية، مثنى أمين إلى أن “تستثمر الدولة العراقية مثل هذه الفعاليات لصالحها، وعلى وفق دراسات مسبقة وعلمية”، محذراً من “تأثير التعميم 

في التفكير الموضوعي».

وقال أمين لـ”الصباح”: “من المفترض أن تستمر هذه المشاعر الإيجابية، إذ إنَّ هذه الفعاليات الرياضية جزء من الدبلوماسية الشعبية، التي أثرت وستؤثر في تغيير الصورة النمطية عن العراق، بوصفه بلداً غير آمن وغير مرحب”، وأضاف “تم نقل صورة إيجابية عن العراق، والمطلوب من الدولة ومؤسساتها أن تستثمر هذا الاتجاه في تحسين الصورة الخارجية عربياً وإقليمياً ودولياً بالفعاليات التي يقيمها العراق”، مؤكداً “يجب أن تكون مدروسة ومبرمجة على أساس واضح، 

وأن تستمر مستقبلاً».

وتابع أمين- وهو أستاذ جامعي في الفلسفة والعلوم السياسية- أنَّ “مستوى التفكير العام العربي سطحي، فيتأثر العقل الجمعي بالصورة النمطية الذهنية والتعميم”، وبين أنَّ “التعميم مغالطة منطقية تلجأ إليها النفوس لكي تتخلى عن مسؤولية البحث الموضوعي”، ولفت إلى أنه “مع تزايد تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في الرأي العام، فإنه يغطي مساحة أكثر مما تغطي قنوات الإعلام التقليدية».

ودائماً ما تنظر الدول العربية إلى الفعاليات التي يحتضنها العراق بالتشكيك والريبة، أو الانسحاب باللحظات الأخيرة، فيما لفت الأكاديمي د. حيدر علي إلى تحقيق عدة إيجابيات في “خليجي 25».

وقال علي لـ”الصباح”: إنه “لا يمكن القياس والتعويل على المواقف الشعبية في القضايا السياسية بين الدول، ويجب الفصل بين المواقف الشعبية والمواقف الحكومية”، وأضاف أنه “في سياق التحليل المنطقي للحدث الرياضي وما رافقه من احتكاك خليجي شعبي بالمجتمع العراقي، تحققت جملة من الأهداف من قبل العراق وفي مقدمتها: إلغاء حواجز وهواجس التخوف والريبة من الداخل العراقي على المستوى الشعبي الخليجي، وتحقيق تواصل شعبي مباشر في إطار التقارب والرغبة في الانفتاح وتبادل الثقافات الشعبية، وإثبات أنَّ الشعب العراقي يبقى منتمياً إلى عمقه العربي برغم التباعد نتيجة المواقف السياسية الرسمية، والحصول على تعاطف شعبي خليجي مع الشعب العراقي ودعمه في الخروج من الأزمات والعودة باقتدار لممارسة الدور الإقليمي على وفق رؤية جديدة بعيدة عن التوتر».

ونشط أهل البصرة على عادتهم في الكرم، فضربوا أمثلة يشار إليها بالبنان، إذ فتحوا بيوتهم وأسواقهم للضيوف الخليجيين، على الرغم من الواقع الاقتصادي الصعب الذي تمرّ به المحافظة.

وأشاد الكاتب الصحفي محمد وذاح بالكرم العراقي المشهور وبالحفاوة العراقية، معتبراً أنها تمثل “عتاباً على المجتمع العربي الذي واجه الإقبال العراقي بالقطيعة».

وقال وذاح لـ”الصباح”: “لم يكن خليجي 25 في البصرة، مفاجئاً لضيوف البلاد من الخليج العربي والعالم، بل للعراقيين أنفسهم، ابتداءً من الحفل الافتتاحي المبهر والحضور الجماهيري الكبير المتعطش للمشاركة في منافسات رياضية كبيرة بعد غياب طال أكثر من أربعة عقود بسبب الحروب والقطيعة مع المنظومة العربية، وليس انتهاءً عند الكرم العراقي والبصراوي الأصيل الذي كان صادماً للكثير من الإخوة الخليجيين”، ولفت إلى أنَّ الخليجيين رددوا عبارة “والله خجلتونا يالعراقيين بكرمكم”، في مجالسهم.

وتابع أنَّ “هذه الجملة عودة وعتاب النفس عند الشقيق العربي على سنوات القطيعة وإعطاء الظهر للعراق وشعبه أيام الحروب والأزمات وما رافق الاحتلال الأميركي للعراق بعد ذلك الذي زاد من تلك القطيعة بسبب السياسة والخلافات والتوترات المتبادلة بين من تولى سلطة العراق ما بعد لحظة 9 نيسان 2003 

والمنظومة العربية».

واستدرك وذاح أنَّ “خليجي 25 ضرب كل التوقعات والرهانات السياسية على تعميق حجم الهوة بين الشعوب العربية، فالخليجي ما أن وطأت قدماه أرض البصرة حتى تلاشى جبل القطيعة الهلامي الذي فضل المواطن العراقي إزاحته، والذي سيكون فاتحة خير وعودة حقيقية لشعوب الخليج للحضن العراقي إذا ما عكرت صفوها السياسات غير الحكيمة التي لا تجني على البلاد والعباد إلا المزيد 

من الآثار السلبية».