نحن والصين

الصفحة الاخيرة 2023/01/21
...

جواد علي كسار

دفعني منطق الأرقام في النمو السكاني للمقارنة بين بلدنا والصين، ولو على مستوى المؤشرات العامة. نبدأ من الصين التي صدمت العالم بتراجع عدد سكانها للمرة الأولى، بنحو مليون إنسان خلال ستة عقود مضت، ليستقر عدد نفوسها عند (1.411) مليار إنسان، وذلك بتقدّم الوفيات على الولادات خلال العام الذي انتهى للتو، تاركة الساحة لغريمها الهندي، إذ تذكر الأرقام أن الهند إن لم تكن قد تفوّقت على الصين بعدد الهنود فعلاً، فهي في طريقها إلى ذلك.

في المقابل تختلف التقديرات في عدد نفوس العراق بين مصادر الداخل والخارج، لكنها في المحصلة النهائية تجمع على أن عدد سكان البلد الآن تجاوز الأربعين مليون إنسان، لتختلف بين من يتحدث عن (41) مليوناً، و(42) مليوناً، بل وجدت رقماً صادراً عن مؤسسة دولية، يذكر أن عدد العراقيين تجاوز عام 2021م عتبة (43) مليوناً، ليستقر عند (43.53) مليون إنسان. 

لكي نفتح أفقاً لهذه المقارنة على مستوى الأرقام، تفيد الإحصائيات بأن نسبة النمو السكاني في العراق بلغت (2.3 %) بل ثمَّة من يتحدث عن (2.6 %) في مقابل نسبة نمو في الصين لا تكاد تتجاوز النصف بالمئة إلا بصعوبة، لتستقر عند (0.59 %)!.

المؤشرات التي ترتبط بالسكان على نحو مباشر وبلغة الثقافة العامة، تشمل ببساطة السكن، الغذاء والمياه، الطاقة، الصحة والتعليم، النقل والمواصلات، سوق العمل، البنى التحتية، مع ما يلحق ذلك من عشرات المجالات ذات الصلة، من قبيل معدل النساء إلى الرجال، والتوزيع بين المدن والأرياف، والحالة الطبقية، والتحديدات الثقافية والتربوية، ومستوى الرفاه العام، ووسائل الترفيه، والمشكلات الناشئة عن البطالة والأمية والسكن العشوائي وبقية المتغيرات المعيشية.

لستُ مختصاً لكي أتحدث عن الحالة السكانية التي تنفع البلد الآن؛ بين ترك النمو مفتوحاً، أو ضبطه وترشيده بعدد معين من المواليد، أو الدعوة إلى تحديد النسل؛ فالفصل في أحد هذه الخيارات أو غيرها، منوط بالدراسات الاختصاصية والمختصين. 

لقد كنت أتابع أحد الزملاء المحللين، عندما ذكر في نهاية تحليله تعقيباً على واقعة سلبية، ما نصه: "هذا هو قدرنا، وهذا هو حظنا أن تقترن أفراحنا بالحزن!". 

أعتقد أن ربط سوء التدبير أو الفشل بالتخطيط والأداء، بالحظّ والقدر هو أمر مجانب للعقلانية والصواب، يشبه إلى حدّ كبير صمتنا المستسلِم إلى متوالية الزيادة في السكان، من دون أن تخضع هذه الظاهرة للبحث والدراسة والمراجعة والتخطيط، بغية ضبطها والسيطرة عليها!.