أنقرة: وكالات
شهدت تركيا، خلال الأيام الأخيرة، تكدساً لناقلات الحبوب قبالة سواحلها على البحر الأسود، بانتظار الخروج إلى المياه الدوليَّة، الأمر الذي دفع وزارة البنية التحتية الأوكرانية، إلى اتهام موسكو بالتعمد في تعطيل السفن من خلال إرجاء عمليات التفتيش منذ تشرين الأول الماضي.
وبحسب خبراء سياسة واقتصاد، فإنَّ أطراف الأزمة "موسكو وكييف" يستخدمون سلاح الجوع منذ اندلاع النزاع الذي شارف على عامه الأول، ولكلا الطرفين أهداف وحسابات من خلال الضغط في هذا الملف.
ويتوقع اقتصاديون أن تربح روسيا من تعطيل الإمدادات للضغط عالمياً بما يسمح بإنهاء الحرب وهي في خانة المنتصر وفي جعبتها الكثير من المكاسب، وحال الجلوس على طاولة التفاوض لإبرام اتفاق سلام سيكون لديها أوراق جيدة تجيد بها المناورة للحصول على مغانم جيدة.
كما تدرك أوكرانيا جيداً أنها رابع أكبر مصدر للقمح في العالم وتنتج 42 % من الإنتاج العالمي من زيت بذور عباد الشمس و16 % من إنتاج العالم من الذرة و9 % من إنتاج القمح، وهي أرقام ليست بالهينة في ميزان القوى العالمية، وتسمح لها بإجادة فنون "الكر والفر" في معارك السياسة التي يحكمها الاقتصاد، ومن يمتلك "رغيف الخبز سيملي شروطه" إذا ما خانتها قواها العسكرية أمام وقع الضربات الروسية الشديدة أو استنزفتها الحرب التي قاربت على العام منذ اندلاعها في 24 شباط 2022.
وهنا يقول الباحث في الشأن الدولي بمؤسسة "فولسك" العسكرية، أوليغ أرتيوفسك: إنَّ روسيا لم تستخدم ما يروّج بسلاح الجوع في تلك الأزمة لعدة أسباب، إذ أعلنت موسكو استعدادها لإرسال شحنات الحبوب إلى دول أفريقيا والشرق الأوسط مجاناً، وجميع الاعتراضات التي أوضحتها موسكو بشأن الاتفاق كانت بسبب استيلاء الغرب على شحنات الحبوب عكس المتفق عليه، كما أنَّ الاتفاق حتى الآن يُعد قائماً من طرف واحد وهو موسكو ولكن لم يتم رفع العقوبات عن الأسمدة الروسية.
بينما تحاول أوكرانيا الترويج بأنَّ موسكو هي من تعرِّض العالم لخطر المجاعة وهذا غير حقيقي، وفي ما يخص الرابح في تلك المعادلة، هي روسيا التي تمتلك أحقية تأمين البحر الأسود وخط سير السفن.
ويتخوف الباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، أبوبكر الديب، من حدوث مجاعة في عام 2023، بسبب أي تعطيل لاتفاق الحبوب الأوكرانية والذي عقد بموجب اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة، بهدف تخفيف أزمة غذاء عالمية متفاقمة.
وقال الديب: إنَّ العملية الروسية العسكرية أدت إلى زيادة التوتر في أسواق الغذاء العالمية، وقررت أغلب دول العالم تقييد صادرات المواد الغذائية والسلع الأساسية، ومنها الأسمدة، كما تمتلك موسكو فائضاً كبيراً يكفي جميع سكانها من القمح، وأوكرانيا ستستخدم صادرات الحبوب للضغط على العالم من أجل فتح مخازن السلاح والذخيرة والدعم المادي لها في حربها ضد روسيا.
في غضون ذلك، أفرجت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا، بقيمة 2.5 مليار دولار، لمساعدتها على التصدي للهجمات الروسية.
جاء ذلك في بيان للبنتاغون، صدر فجر أمس الجمعة، قبيل ساعات من عقد الدول الداعمة لكييف اجتماعاً في قاعدة "رامشتاين" الأميركية في ألمانيا، ويتوقع أن تصدر عنها قرارات مهمة، بينها حسم قرار إرسال مدرعات ثقيلة إلى أوكرانيا.
ووفقاً لبيان البنتاغون، تشمل حزمة المساعدات الجديدة 59 مركبة مصفحة من طراز "برادلي" تُضاف إلى 50 مركبة مدرعة خفيفة من هذا النوع كان قد تم التعهد بها في 6 كانون الثاني الحالي.
كما تشمل المساعدات الأميركية الجديدة 90 ناقلة جند مصفحة من طراز "سترايكر"، و53 مركبة مدرعة مضادة للألغام "MRAP" و350 مركبة نقل همفي طراز "إم 998".
ويعد اجتماع "رامشتاين" أمس الجمعة، هو الثالث في الصيغة التي تعرف باسم "رامشتاين" منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، حيث اجتمع وزراء الدفاع وكبار المسؤولين العسكريين من نحو 50 دولة مع وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، لبحث مسار المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
إلى ذلك، أعلن الكرملين، أمس الجمعة، أنه لا أمل في تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة بعد أن وصلت لأدنى مستوياتها، وأضاف في بيان، "نرى تورطاً مباشراً وغير مباشر للناتو في الصراع، ولخفض التوتر يجب أن تؤخذ مطالب روسيا في الحسبان".