باريس: أ ف ب
يسعى عددٌ من العلماء إلى أن يثبتوا إمكان توجيه الصواعق وحتى ربما التوصل يوماً إلى افتعالها، من خلال تجربة أولى استخدموا فيها تقنيَّة الليزر على قمة جبل سويسري، على ما ورد في دراسة نُشرت الأسبوع الفائت.
وشرح أوريليان أوار من مختبر البصريات التطبيقيَّة في معهد البوليتكنيك في المنطقة الباريسيَّة "أردنا أنْ نثبت للمرة الأولى تأثير الليزر في الصواعق، وأسهل شيء هو توجيهها". وتتوج هذه التجربة تعاوناً قائماً منذ نحو عشرين عاماً مع الفيزيائي جان بيار وولف، من مجموعة الفيزياء التطبيقيَّة في جامعة جنيف، بمشاركة ستة معاهد.
وتتسبب الصواعق التي تحصل 40 إلى 120 مرة في الثانية في مختلف أنحاء العالم، بأكثر من أربعة آلاف حالة وفاة كل سنة وبأضرار اقتصاديَّة تصل إلى مليارات الدولارات ، وفقاً للدراسة التي نُشرت في مجلة "نيتشر فوتونيكس".
واستخدم فريق أوار ووولف الليزر كمانع للصواعق. وينتج شعاعه بلازما وهواء مشحوناً بالأيونات والإلكترونات، يتم تسخينه أيضاً بهذه العمليَّة. وأوضح أوار أن الهواء الذي يعبره الشعاع "يصبح بعد ذلك موصلاً جزئياً (للكهرباء)، وبالتالي مساراً تفضيلياً للبرق"، يشبه إلى حد سلكاً. ووجد العلماء الحل على قمة جبل سانتيس التي يبلغ ارتفاعها 2500 متر عن مستوى سطح البحر. وما شجع على اختيار هذا الموقع أن المكان مجهز أصلاً ببرج اتصالات طوله 124 متراً، يتعرض بانتظام دقيق لنحو مئة صاعقة في السنة.
وبعد عامين استلزمهما بناء ليزر قوي جداً من صنع شركة "ترامف" الألمانيَّة ، ونقل مدى أسابيع على شكل قطع بواسطة التلفريك إلى القمة. ويُستخدم التلسكوب لتركيز شعاع الليزر للحصول على أقوى كثافة عند ارتفاع 150 متراً. ويتضاءل شعاع الليزر الأخضر من قطر 20 سنتيمتراً في البداية إلى بضعة سنتيمترات. وفي صيف 2021، لجأ العلماء إلى ضبط إعدادات الليزر لإنتاج بلازما فوق قمة البرج، وتمكنوا من تصوير عمليَّة توجيه وميض برق بواسطة الليزر لنحو 50 متراً. تم تعزيز ثلاث عمليات توجيه أخرى بواسطة قياسات التداخل. ويوجه الليزر أحد هذه السلائف. وبفضل ذلك "ينطلق بسرعة أكبر بكثير من السلائف الأخرى، وبطريقة مستقيمة أكثر، على أن يصبح بعد ذلك السبّاق إلى الاتصال بالسحابة قبل أن تضيء. وفي النهاية، يصبح وميض البرق". وإذا أمكن إثبات القدرة على توجيه الصواعق، ينبغي إجراء اختبارات أخرى لتأكيدها. ثم محاولة افتعال الصواعق، من أجل توفير حماية أفضل للمنشآت الاستراتيجيَّة، كالمطارات أو منصات إطلاق الصواريخ.