علي حسن الفواز
انتهت اعمال منتدى دافوس الاقتصادي، لكن المشكلات التي تمت مناقشتها لم تنته، وربما ستظل مثاراً لجدلٍ مفتوح، ولأسئلة تتسع كلما اتسعت التحديات
والصراعات الدولية.
عُقد المنتدى تحت شعار “التعاون في عالم مُجزّأ” وهو عنوان له طابعه الإشكالي، على مستوى الاعتراف بـ “التجزّؤ” أو على مستوى البحث عن فكرة التعاون، وهي ثنائية افتقدت المصداقية، والمواجهة الواقعية لمايحدث على الأرض، إذ حضر الرؤساء والاقتصاديون والباحثون على النفوذ لكي يناقشوا شجون العالم، ولصياغة أفكار وتصورات، وحتى “حلول” لما يُخفيه هذا التجزّؤ من مشكلات بنيوية معقدة، يتداخل فيها السياسي والاقتصادي والأيديولوجي والأمني، وهي تداخلات لا تفترض حلولاً فوقية، ولا إجراءات محكومة بالمرجعية الأيديولوجية لهذه الجهة أو تلك..
مشكلات “المناخ” و”الأزمة الأوكرانية” و” التضخم” و”العدالة الاجتماعية” و”أزمة الطاقة والغذاء” و”تخفيف مظاهر الفقر” هي الأبرز في محاور النقاش، والأكثر استدعاء للمقاربة الجيو اقتصادية، لكن الواقع كان يقول عكس ذلك، فالطابع السياسي هو الأكثر حضوراً، والضغط الأميركي- الغربي كان له أثره في توجيه مسارات النقاش، وربما فرض مايشبه سياسة الهيمنة، وهو مايعني ضرورة التعاطي مع الواقع عبر حلول فاعلة، وعبر موقف نقدي، يملك جرأة مواجهة سياسة هؤلاء “الكبار” والبحث عن معالجات تستقرئ الخلل البنيوي في التوازنات الاقتصادية العالمية، وفي طبيعة الآثار التي ستتركها الصراعات الدولية، على توريد الغذاء إلى الدول الأكثر فقراً، وعلى زيادة نسب الضخم، وبطء النمو الاقتصادي العالمي.. هذه المشكلات ليست سهلة، فهي قابلة للانفجار، وتهديد العالم بحروب كبرى، نووية، وعسكرية، وتنموية، وبما يجعل السياسات الاقتصادية ضعيفة إزاء ما يمكن أن تُحدثه من اختلالات عميقة، قد تكون بسبب سوء إدارة النظام العالمي، وتغويل ظواهر العسكرة والعنف، فضلاً عن سوء إدارة العوامل المؤثرة في انتاج الطاقة، ومايرافقها من زيادة في نسب التلوث، وفي التأثير في معدلات الاحتباس الحراري.
الطابع السياسي لمنتدى دافوس ألقى بظلاله على طبيعة المناقشات، فغياب روسيا عن أعماله، وضعف الحضور الصيني، جعل من الخطاب الرئيس للمنتدى ينحو باتجاه تسييس المعالجات، وتوظيف الضغط السياسي كمنصة لدعم أوكرانيا في حربها، وفي تحميل الروس تداعيات مايحدث في ملفات العسكرة
والطاقة والغذاء.