بغداد: هدى العزاوي
رأى خبراء في الاقتصاد وعالم المال، أنه رغم جهود الحكومة في السيطرة على سعر صرف الدولار عبر اتخاذ خطوات بحق بعض مكاتب الصيرفة التي تتعامل بالسوق السوداء، إلا أنهم أشاروا إلى أنها تبقى إجراءات ضعيفة ودون المستوى، مبينين أن على الحكومة والبنك المركزي اتخاذ معالجات وإجراءات فنية جادة من بينها تأجيل تطبيق المنصة الإلكترونية التي يرعاها الفيدرالي الأميركي والتفاوض مع واشنطن بشأن ذلك.
وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة المعقل نبيل المرسومي، في حديث لـ"الصباح": إنه "من المعروف أن البنك المركزي يبيع كميات من النقد من العملة الأجنبية للمصارف المجازة وشركات الصرافة وشركات التوسط ببيع وشراء العملة الأجنبية"، موضحاً أن "حصص كل مصرف أسبوعياً 300 ألف دولار، وحصة شركة الصرافة الفئة A مليونان و200 ألف دولار، وحصة شركة الصرافة الفئة B 750 ألف دولار أسبوعياً، في حين حصة الشركة فئة C 70 ألف دولار أسبوعياً، وبالتالي هناك أكثر من 2000 شركة صرافة في العراق تمارس عملية البيع والشراء الدولار في السوق العراقية" .
وأضاف: "لا أظن أن هناك مكاتب غير مجازة ولكن هناك بعض المكاتب تمارس عمليات الحوّالات التجارية، وهذا مخالف لقانون البنك المركزي" .
وأكد أن "مشكلة سعر صرف الدولار اليوم ليس سببها مكاتب الصيرفة وما تقوم به من تنفيذ الحوّالات، إذ أن الحوّالات التجارية من خلال مكاتب الصيرفة لها فائدة كبيرة للعراق حتى إن كانت (حوّالات سوداء) كونها تسهم في زيادة الاستيرادات والمحافظة على الأسعار، لأنه من دون هذه الحوّالات يمكن أن ترتفع الأسعار والسلع المستوردة بشكل كبير بسبب توقف الشبه الكامل للحوّالات المصرفية الأصولية، ولجوء التجار إلى شراء الحوّالات من الصيرفة بدل الذهاب إلى البنك المركزي كجزء من التهرب الضريبي وأسباب تتعلق بتعقيدات أنظمة التحويل خصوصاً مع القيد الدولي المتمثل بمنصة التعامل الإلكترونية التي استحدثها البنك الفيدرالي الأميركي الذي يقيِّد عملية التحويلات المصرفية" .
وأوضح أن "الأزمة ليست بالمعروض النقدي من الدولار وإنما هناك أزمة في (دولار الحوّالة) والاستيراد عبر الحوّالة، لذا فالحلول الأمنية لا يمكنها إلا أن تفاقم من أزمة الدولار"، مبيناً أن "الموضوع بحاجة إلى تفاهمات سياسية ولا يحل تقنياً فقط بسبب عدم الاستعداد الفني والتقني للمصارف العراقية للتعامل مع المنصة الإلكترونية، وينبغي أن يكون هناك تفاهم من قبل وفد رفيع المستوى يذهب إلى واشنطن للتفاهم مع الإدارة الأميركية، ولربما ينجح في تأجيل العمل بالمنصة الإلكترونية"، محذراً من تدهور قيمة الدينار العراقي أكثر في الأيام المقبلة.
وأشار المرسومي إلى أن "البنك المركزي العراقي عاجز عن استخدام احتياطاته النقدية في الدفاع عن سعر الصرف، لذلك نرى أن الفجوة كييرة بين سعر الصرف الموازي وسعر صرف الدولار الرسمي، وما يقوم به البنك المركزي مجرد إجراءات ترقيعية ليست لها فاعلية كونه يركز على زيادة المعروض من الدولار النقدي وهو ليس لبُّ المشكلة، فالمشكلة في الحوّالات المصرفية والشركات العراقية كونها غير مستعدة فنياً للتعامل مع هذه المنصة، وبالتالي هنالك إشكالية في احتمالية انهيار الدينار العراقي والاقتصاد العراقي إذا ما استمرت الأوضاع خلال الستة أشهر المقبلة"
بينما رأى الخبير الاقتصادي جعفر باقر علوش، بأن "هناك قيوداً لقواعد الامتثال الدولية في ما يتعلق بحركة الأموال المحوَّلة عبر الحوّالات والاعتمادات المصرفية؛ مقابل عدم جاهزية المصارف التجارية التي تتعامل مباشرة مع البنك المركزي لتلك القواعد، وأن الأمر يحتاج إلى جهود مكثفة للإسراع في مطابقة الإجراءات المرتبطة بالتحويلات الخارجة من البنك المركزي العراقي عبر تلك المصارف مع الشروط التي يرعاها البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي"، عادّاً أن "الأمر يحتاج إلى وقت، لكن هذا الوقت طال أكثر من المتوقع، لذا على البنك المركزي أن يمارس سلطته كونه (أبو المصارف) باتجاه تمكين المصارف النظيفة من التأقلم مع تلك الأوضاع الجديدة، وهي قواعد لا غبار عليها من ناحية الإجراءات الفنية" .
وأضاف علوش في حديث لـ"الصباح": "أما بالنسبة لمكاتب الصيرفة فلابد من وجود رقابة فعلية يمارسها البنك المركزي العراقي بالتعاون مع جهات تنفيذية وفق لوائح البنك وأهدافه في دعم الاستقرار النقدي"، مشيراً إلى أن "الجوانب النفسية والإعلامية لها دور في خلق مخاوف مضافة تسرِّع من وتيرة ارتفاع سعر صرف الدولار، كما أن ضبط التجارة الخارجية والتحقق من الكميات المستوردة ونوعية السلع مهم جداً في هذا الوقت، وأن الجهات الأمنية لها دور مساند للبنك المركزي والسلطة النقدية لكبح جماح الارتفاع غير المبرر" .
فيما يرى الخبير في الشأن الاقتصادي، نبيل العلي، في حديث لـ"الصباح"، أن "الإجراءات الحكومية الأخيرة محاولة لضبط إيقاع السوق وفرض السيطرة البوليسية لتقليل التعامل مع الدولار بالأسواق التي تشهد نوعاً من المضاربات بسبب الحوّالات السوداء الخارجة عن النظام المصرفي عبر الحدود ثم تنقل إلى مصارف خارج العراق ومن ثم إلى حوّالات نظامية تستهدف العالم" .
تحرير: محمد الأنصاري