ما بعد البصرة

الصفحة الاخيرة 2023/01/29
...

د. علاء هادي الحطاب


النجاح الذي حققه العراق من خلال استضافة كأس الخليج العربي 25 وعلى مختلف الصعد، كسر حاجز الصمت العربي والخليجي وحتى العالمي إزاء العراق، وصنع رغبة جيدة في اكتشاف عراق ما بعد الاحتلال وعراق ما بعد صدام، واكتشاف حقيقة ما يجري فيه، فما بين المرئي منه والمسموع اختلاف كبير في تصورات المنطقة عن الداخل العراقي، واتذكر أنني رافقت عدداً من الوفود الصحفية والخليجية أبان زياراتهم خلال السنوات الماضية إلى العراق فوجدت أن قناعاتهم المسبقة عن العراق قبل دخولهم إليه قناعة سلبية بشكل كبير، وما أن تبدأ جولاتنا معهم وتجوالهم في شوارع بغداد ومطاعمها ومحالها حتى تتغير تلك القناعة ويتحولون إلى رُسل يتحدثون عما وجدوا.  البصرة وكرم أهلها وأداء المخلصين فيها أسهم إلى حد كبير في تغيير قناعات الشارع العربي والخليجي خصوصاً اتجاه العراق، بل أصبح معظم إعلاميي وصحفيي تلك الدول مراسلين ورسلاً ينشدون للعراق في تغريداتهم وبرامجهم ومقالاتهم وهذا بحد ذاته سهّل كثيراً على العراق كدولة في أن يُقنع جيرانه ومحيطه بأنه بلد صالح للعيش والسياحة والاستثمار والحياة، قبل خليجي البصرة لم نستطع كصحفيين مهما اجتهدنا أن نُقنع زملاءنا العرب وغيرهم بأننا بلد يعشق الحياة والجمال وأن ما يتم تسويقه بشكل سلبي عن بلدنا غير صحيح بالمطلق، لكننا اليوم لا نحتاج إلى ذلك العناء والجهد في إقناعهم بل هم من صار يتحدث نيابة عنا.  اليوم في العراق عموماً والبصرة خصوصاً كونها الأقرب إلى الخليج جغرافياً واثنوغرافياً نحتاج إلى إحكام قبضة القانون بشكل كبير في منع الصراعات العشائرية ومنع التجاوزات ومنع أية محاولات للاغتيالات أو السرقة أو أي من هذه التصرفات التي تُعيد البصرة والعراق إلى المربع الأول، كوننا نعتقد بل ونرى بأم أعيننا أن شباب الخليج بات يتجول بكل أريحية في البصرة وبغداد بسياراتهم الخاصة وبلا حمايات، وهذا المشهد من شأنه أن يختفي مرة أخرى أمام أي حادث إرهابي أو جنائي يحصل لأحدهم ويعيدنا إلى منطقة الدفاع عن أمن بلدنا ، ما نحتاجه اليوم كمجتمع أن نعي جيداً أننا في استضافة دائمة لجيراننا، وعلينا كدولة أن نولي بعد نجاح الخليجي اهتماماً خاصاً للأمن في البصرة ومتابعة كل الحالات السلبية وأولها الصراعات العشائرية التي باتت لا تحتمل سواء في البصرة أو غيرها.  فنجاح البصرة في استضافة كأس الخليج العربي لم يأت بسهولة، لكن فقدان هذا النجاح ربما يكون سهلاً جداً .