دبلوماسية العراق الجديدة.. شراكات متعددة

العراق 2023/01/29
...

 بغداد: هدى العزاوي

رغم المدة القصيرة التي مرت على تسنم حكومة السوداني، إلا أنها استطاعت في ملف العلاقات الخارجية والدبلوماسية النجاح في عقد عدة اتفاقيات ومذكرات تعاون مهمة تقع ضمن دائرة الدبلوماسية الجديدة للعراق بتعدد الشراكات ورفض الانخراط في دوائر الاستقطاب، ويرى برلمانيون ومراقبون سياسيون أنه من الضروري أن توازي تلك الشراكات الدولية إصلاحات كبرى في منظومة السياسة الداخلية واتخاذ إجراءات اقتصادية وإعادة هيكلية مؤسسات الدولة بما يتوافق مع حالة الانفتاح العراقي على العالم.


وقال عضو لجنة الاقتصاد والصناعة والتجارة  النيابية، سوران عمر في حديث لـ»الصباح»: إن «انفتاح العراق على الدول الأوروبية وعقد اتفاقيات في كثير من المجالات أمر مهم»، مستدركاً أن «النتائج الإيجابية لتلك الاتفاقيات الدولية لن تظهر وتثمر مالم تجر معالجة الخلل في الداخل العراقي في عدة وجوه منها سياسية واقتصادية وأخرى تتعلق بأداء مؤسسات الدولة».

وانتقد عمر «استمرار نقص وتردي الخدمات في البلاد رغم الموازنات ذات الأموال الطائلة التي أنفقت طيلة سنوات»، عادّاً أن «توفير الخدمات الأساسية لا يتطلب عقد اتفاقيات دولية بقدر ما يتطلب وجود إصلاح حقيقي وملاحقة ومعاقبة المسؤولين الفاسدين».

من جانبه، رأى الكاتب والباحث في الشأن السياسي، د. قاسم بلشان التميمي، في حديث لـ»الصباح»، أن توقيع اتفاقية الشراكة الستراتيجية مع فرنسا «يعد أمراً مهماً وخطوة في الاتجاه الصحيح، باعتبار أن فرنسا تعتبر حالياً قائداً لقارة أوروبا، أضف إلى ذلك أن فرنسا تلعب دور الوسيط ما بين أوروبا وأميركا من جانب وباقي العالم من جانب آخر، وبالتالي فهي مرحّب بها من أكثر دول العالم خصوصاً تلك الدول التي لديها مشكلات مع أميركا».

وبين أن «العراق بحاجة ماسة إلى عقد هكذا اتفاقيات، خصوصاً أنه يعاني من تقلبات السوق وارتفاع قيمة الدولار أمام الدينار العراقي»، وأضاف، «أعتقد أن العراق يحاول أن يستفيد من التجربة الفرنسية في مكافحة الفساد باعتبار أن لديها خبرة كبيرة في هذا المجال ومن الممكن توظيف الخبرة الفرنسية في العراق».

وأوضح التميمي، أن «توقيع هكذا اتفاقيات مع فرنسا يختلف جملة وتفصيلاً عن عقد اتفاقيات مشابهة مع دول أخرى كالصين وألمانيا، والسبب أن الصين غير مرحب بها (أميركياً)، وأن عقد أي اتفاق كبير مع بكين سيخلق توتراً كبيراً ما بين بغداد وواشنطن، أما ما يخص ألمانيا؛ فإن دورها ليس مؤثراً بقوة مثل فرنسا التي تتمتع بمقبولية لدى الإدارة الأميركية»، وبين أن «الاتفاقية الموقعة مع فرنسا ستؤثر بشكل إيجابي في علاقة العراق مع دول أخرى يمكن أن تسير على خطى باريس وتقدم عروضاً تنافسية بمجال الاستثمار».

وتشير عميد كلية اقتصاديات الأعمال بجامعة النهرين، الدكتورة نغم حسين نعمة، في حديث لـ»الصباح»: أن «اتفاقية الشراكة بين العراق وفرنسا تهدف إلى تحقيق المصالح المشتركة على قاعدة المساواة في السيادة والحقوق، وبما يتوافق مع مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية».

ولفتت إلى أن «أهمية توقيع اتفاقية الشراكة الستراتيجية بين العراق وفرنسا، تأتي من كونها أنطوت على محاور متعددة في المجالات الاقتصادية والأمنية ومكافحة الإرهاب والتطرّف، والتبادل الثقافي، فضلاً عن محاور أخرى تتعلق بإدارة الأزمات ومكافحة الجريمة الاقتصادية والجريمة المنظمة، وفي حماية البيئة وتعزيز حقوق الإنسان والتعليم»، داعية إلى عقد شراكات مشابهة مع دول مؤثرة في العالم، واستدركت: أن «على العراق أن يوقع عقد شراكة ستراتيجية مع الدول القوية (كوريا، الصين، الهند، اليابان، ألمانيا) وليست الكبرى فقط التي تحتاج إلى النفط والغاز العراقي».

ولفتت نعمة إلى أنه «لابد من الاعتراف أن العراق يعاني من تراجع مستمر في ميزان القوى الستراتيجية مقارنة مع نظيرتها لدول الجوار منذ عام 2003 إلى الآن، ولابد من قراءة واقعية لتشخيص الأسباب ووضع الحلول الناجعة وفق خطط زمنية»، عادّة أن «الضعف الأساس في ميزان القوى الستراتيجية للعراق يكمن في المشكلات الداخلية التي يعانيها وضعف معالجتها على الرغم من تشخيصها».


تحرير: محمد الأنصاري