الشعب الفلسطيني وحق المواجهة

قضايا عربية ودولية 2023/01/30
...

علي حسن الفواز



كشفت العملية الاستشهادية في القدس عن هشاشة النظام الأمني الإسرائيلي، مثلما كشفت عن جذوة الرفض في الروح الفلسطينية، والتي جعلت من زخم هذه العملية خياراً وطنياً لمواجهة سياسة القتل الإسرائيلي، ورفض نزعة التهويد التي تحاول فرضها على "الأمكنة المقدسة".

ما جرى في القدس، ليس بعيداً عن الجريمة الإسرائيلية في جنين، ولا عن إجراءات الاستيطان، وصعود موجة الغلو، لاسيما أن الاستشهاديَين في القدس كانا من جيل الشباب، وهذا يعني أن الأجيال الجديدة مازالت تحتفظ بحيوية "الذاكرة الفلسطينية" وتؤمن بحق شعبها التاريخي في الوجود، وفي الحياة الحرة الكريمة..

عودة "بنيامين نتنياهو" إلى رئاسة الوزراء في "إسرائيل" ترسم خطوطاً عامة لاستمرار التغوّل بالعنف، ولفرض سياسة التهويد كأمر واقع، والذهاب بعيداً في توسيع المستوطنات، والذي يعني التعمّد في اتباع سياسة الطرد، وتهديم البيوت الفلسطينية، فضلاً عن استخدام العسكرة الجائرة، في عزل قطاع غزة، وفي اغتيال الفلسطينيين في المخيمات، وفي مدن الضفة الغربية، وهو يدفع الفلسطينيين إلى الرفض، والمواجهة، وبما يشبه الانتفاضة، عبر التظاهرات، والاحتجاجات، والاشتباك بالحجر مع قوات الاحتلال، وصولاً إلى الذهاب إلى العمليات الاستشهادية، وهي حقٌ مقاوم للشعب الذي يتعرض وجوده وذاكرته إلى الاغتصاب والمحو.

سياسات التهديد والوعيد، والإفراط في القوة لن يُجديا نفعاً، فيقظة الذاكرة الفلسطينية تعني فعل الوعي، والإيمان بالحق والثورة، مثلما تعني مسؤولية الثقة بالشعب، والرهان على مواجهة واقعية لتلك السياسات، والتي باتت عناوين جاهزة، ومفضوحة في خطابات "نتنياهو" وفي جهازه الأمني، إذ وجد نفسه وجهازه في حرج كبير، وهو يواجه أزماته الداخلية، ورثاثة سياسته في فرض قانون الغاب على شعب يواجه تاريخياً عنجهية العدوان الإسرائيلي، وتواطؤ سياسات دول كبرى لها مواقفها المتعالية إزاء قضايا الشعوب، والتي لم تتخلص من ذاكرتها الاستعمارية، ولا من سياساتها الاستحواذية التي تعاني من آثارها وتداعياتها شعوب كثيرة في الشرق وفي أفريقيا وفي أميركا الجنوبية.