بغداد: شيماء رشيد
بعد قرابة 3 أشهر من الهدوء النسبي الذي شهدته العملية السياسية في البلاد، عاد التوتر ليخيم على الأجواء مؤخراً في أعقاب قرار المحكمة الاتحادية العليا بشأن عدم قانونية الأموال المرسلة من الحكومة الاتحادية إلى الإقليم حال عدم استجابة الأخير للقانون والدستور وتسليم ما بذمته من نسبة إنتاج نفطي إلى بغداد، وبينما يؤكد برلمانيون ومراقبون قانونية ودستورية قرار الاتحادية؛ طالبوا بعدم زجِّ المحكمة في الصراعات السياسية، وأنها تحكم وفق الدستور والقانون ولا علاقة لها بالتفاهمات بين الأطراف والأحزاب والكتل السياسية.
وقال عضو مجلس النواب، رائد المالكي، في حديث لـ"الصباح": إن "قرار المحكمة الاتحادية سليم من الناحية القانونية، كونها غير معنية بالاتفاقات السياسية"، وأضاف أن "القرار سليم ويستند إلى أساليب وفقرات صحيحة، لأن قرار الحكومة الاتحادية تحويل الأموال للإقليم مخالف لأحكام قانون الموازنة وكذلك قانون الإدارة المالية الذي يفترض بحسبهما تسليم الإقليم نفطه للمركز مقابل أن تقوم الحكومة بدفع النسبة المقررة له في الموازنة، ولكن الذي حصل أن الإقليم لم يسلم شيئاً برغم من الكتب الرسمية والمخاطبات الرسمية، لذلك فإن تحويل الأموال مخالف للالتزامات بين الطرفين" .
وبين أنه "في العام الماضي ولغاية الآن لم تشرع أي موازنة، وبالتالي فإن تحويل الأموال للإقليم مخالف للقانون والدستور"، وأوضح أن "قرار المحكمة الأخير قانوني ودستوري لكنه يتقاطع مع اتفاقات وتحالفات وتفاهمات سياسية جرى على أساسها تشكيل الحكومة، وليس ذلك من مشكلات المحكمة"، مؤكداً أن "من يتهم المحكمة بالتسييس يريدها أن تخضع لاتفاقاته وأهوائه، وذلك لن يكون" .
ونوه المالكي بـ "ضرورة إقرار قانون الموازنة العامة 2023 لينص فيه على الأحكام بشأن العلاقة المالية بين المركز والإقليم وحقوق الطرفين والتزاماتهما، وأن يجري تحويل الأموال وفقاً لهذه الأحكام، لاسيما أن المحافظات جميعها - ومنها البصرة - تحول جميع الإيردات إلى الحكومة الاتحادية، وفي المقابل تقوم الأخيرة بتحويل تخصيصات البصرة وغيرها وفق قانون الموازنة"، مطالباً السلطات والحكومة في الإقليم بتسليم إيراداته النفطية المقررة وفق القانون في سبيل الحصول على استحقاقاته"، منبهاً إلى "ضرورة أن لا تكون هناك اتفاقات وقتية عند إقرار الموازنة فقط، وإنما يجب أن يكون هناك حل جذري من خلال تشريع "قانون النفط والغاز".
وأكد النائب أن "الاتفاقات السياسية تخص من وقّع عليها فقط، وأن الشعب غير ملزم بها، وكما أن المحافظات الجنوبية ملتزمة بتسديد أموال النفط والضرائب، فعلى الإقليم أن يفعل المثل"، منوهاً بأن "الإقليم يستخدم دائماً شماعة رواتب الموظفين الذين لا نعلم ما هي أعدادهم ولا مقدار ما يتقاضون".
إلى ذلك، بين المحلل السياسي، جاسم الغرابي، أن "هذا الأمر أصبح موضوعاً جدلياً بين مكونات الشعب"، وقال في حديث لـ"الصباح": إن "نص الدستور والقانون يلزم الإقليم بتسليم كافة إيرادات منافذه الحدودية ومطاراته وكذلك 250 ألف برميل يومياً للحكومة الاتحادية، مقابل أن يعطيه المركز 13بالمئة من الموازنة، وسارت العملية على هذا الوضع منذ سنوات، ولكن يبدو أن هذا الوضع أصبح ورقة ضغط سياسية" .
وأضاف، "اليوم هنالك وئام بين الكتل السياسية العربية والجانب الكردي، أدت إلى تفاهمات كبيرة وصلت إلى حد وصول مسرور بارزاني قبل أسبوع إلى بغداد وتأكيده أن (العلاقات بين المركز والإقليم جيدة، وأنهم داعمون لحكومة السوداني، وأن العراق يحتاج إلى استقرار سياسي)، ولكن إثارة هكذا مواضيع سوف تؤدي لعدم سكوت الجانب الكردي، والسياسة الكردية قوية وبارعة بالمشهد السياسي العراقي"، موضحاً أنه "سيكون هناك امتناع من الكرد في التصويت على الموازنة، كما ستكون هناك قطيعة بين الإطار التنسيقي والحزب الديمقراطي الكردستاني مثل السابق قبل تنصيب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة" .
وتابع: أن " المحكمة الاتحادية أقحمت بموضوع قانوني، والمحكمة لا تحكم إلا وفق أدلة وقرائن، لذلك حكمت بعد أن تأكدت أن الإقليم لم يسلم المركز أي مبالغ وأنه لا يستحق الأموال التي أرسلت له"، منوهاً بأن "المشهد السياسي يمكن أن يرتبك في أي لحظة"، عادّاً أن "إقحام المحكمة الاتحادية في هكذا موضوع، خطأ" .
تحرير: محمد الأنصاري