بغداد: نوارة محمد
لأول مرة عُرض الخميس الماضي في المعهد الفرنسي في بغداد الفيلم العراقي "رجل الخشب" بحضور مخرجه قتيبة الجنابي، ووكيل وزارة الثقافة الدكتور عماد جاسم، ونخبة من صُناع السينما، كان أبرزهم الناقد والسينمائي علاء المفرجي. وقتيبة الجنابي، هو المخرج والمصور السينمائي الذي ولد في بغداد وعاش في لندن، ودرس التصوير الصحفي في بودابست، وحصل على الدكتوراه في عِلم الجمال وتاريخ السينما العربية من جامعة يوتفوس لوراند قبل انتقاله إلى لندن. وقال لـ "الصباح" عن تجربته مع "رجل الخشب": إن "فيلم "رجل الخشب" ينتمي إلى الفنتازيا، إذ تبدأ أحداثه مع رجل من خشب أجبر على ترك موطنه في الغابة، وتتقاطع أقداره مع عدد من الشخصيات في أيام مسعاه الصعبة للعودة إلى مكانه الأول، الوطن، ليرسم لنا رحلته في صور حكايات كل من أجبروا على ترك أوطانهم". وأضاف: كنت أود أن أنجز فيلماً روائياً طويلاً يعتمد على لغة سينمائية خاصة، هكذا بدأت رحلتي مع هذا الفيلم، كتبت السيناريو، معتمداً بشكل كبير على "الإنارة" والموسيقى والمونتاج والمؤثرات الصوتية وطريقة التصوير، حيث الكاميرا ووجودها العنصر الأساسي في خلق الإحساس والمشاعر للمشاهدين. أما التحدي الكبير بالنسبة للجنابي فهو التلاعب بالمشاهد بما يثير عاطفة الجمهور وتفاعله مع هذه الدمية الخشبية "حتى يكاد أن ينسى أنها ليست سوى خشبة" وفقاً لتعبيره.
ويتابع: اعتمدت بشكل كبير على المونتاج الذي يخلق مفهوم الإثارة من أجل شد أحاسيس المشاهدين. ففيلم "رجل الخشب" هو الجزء الثالث والأخير من ثلاثية المنفى التي أنجزت منها فيلمي الأول "الرحيل من بغداد" والثاني "قصص العابرين"، هذه الثلاثية تميزت بأنها مستقلة ولم تخضع لشروط الآخرين. ولقد عُرض الفيلم في مهرجان أشبيلية وحصل على الجائزة البرونزية وفي مهرجان طوكيو وحصل على الجائزة الذهبية كأفضل فيلم آسيوي، وعرض في مهرجانات كثيرة وقريباً سوف يكون متاحاً في منصة "شاهد". وأشار إلى أن الفيلم عرض في مدن عديدة، ولكن العرض الأول في بغداد، وتحديداً في المعهد الثقافي الفرنسي، كان له طعم آخر، "رغم أني عرضت أفلاماً في مدن كثيرة في العالم، ولكن جمهور بغداد كان له طعم خاص بالنسبة لي، يبهرني الجمهور المثقف وعدد الحضور والتفاعل الذي يبديه داخل القاعة، شيء من الرهبة والقلق راودني بأن فيلم "رجل الخشب" يحمل خصوصية وأسراره لن تنكشف بسهولة"، بحسب قوله "مع هذا رأيت الجمهور متفهماً لماهية ومفردات الفيلم وكذلك الصحافة ونقاد السينما الذين أثنوا على محاولتي في مغامرتي السينمائية والطليعية هذه ". "رجل الخشب" الفيلم الذي حظي بدعم من مهرجان القاهرة السينمائي ومؤسسة الدوحة لدعم الأفلام ووزارة الثقافة العراقية، والذي أسهم في إنتاجه المنتج علي رحيم ومصممة الصوت اللبنانية رنا عيد والمؤلف الموسيقي نديم محلاوي وصفه الكاتب والمخرج السينمائي نزار شهيد الفدعم بأنه "فيلم بينايكو العراقي مثلما سماه البعض للمخرج قتيبة الجنابي، وهذا غير فيلم بينايكو المخرج غييرمو ديل تورو 2022 الذي اعتمد على مرجعية قصصية وأفلام سابقة عملت من هذه القصة عن صانع الدمى جيبيتو الذي يعمل على صنع دمية تشبه بمواصفاتها شكل ولده بعد تأثره لفقدانه، لكن الدمية بينايكو يترك أباه وينطلق بحثاً عن طريقة ليكون طفلاً "حقيقياً". ويتابع "رجل الخشب الذي خرج عن سياقات النص الأرسطي والسياقات الواقعية الاشتراكية امتاز بتناول الإنسانية وقضاياها الكبرى ويتبنى أطروحاتها، الفيلم خارج من رحم المعاناة بفكرة غاية في العمق وسريالية متفردة"، "شخصياً حين شاهدت الفيلم لم أحاول البحث عن قصة، ولا عن حكايات فرعية، لقد كان الجو العام بدءاً من الموسيقى والمؤثرات الصوتية كافياً بأن يدفعني للدهشة حتى النهاية".