بغداد: نوارة محمد
العنف الأسري يسلب حيوات الكثيرات، بينما يلاحق "غسل العار" أخريات من دون أي تدقيق أو تبصير، حتى أن هذه العبارة باتت فضفاضة، لدرجة أن نشر صورة محتشمة على وسائل التواصل الاجتماعي بات عاراً شنيعاً من وجهة نظر البعض. واللافت في هذه القضية أنه في الوقت الذي لا تزال أرقام وإحصائيات جرائم الشرف مستترة في العراق، فإن محركات البحث ومنصات التواصل الاجتماعي تمارس دورها في الكشف عن فظاعة هذا النوع من الجرائم وقُبح السلوك الاجتماعي المتخلف، الذي يطول المرأة بلا ذنب حقيقي.
يشهد العراق تزايداً مقلقاً في حالات العنف الأسري، إذ سجل أكثر من 15 ألف حالة عنف خلال عام 2022 بحسب رئيسة منظمة أور لثقافة المرأة والطفل منى صاحب الهلالي، وغالبيتها من النساء والأطفال. إن عبارات مثل "غسل العار" و"إنقاذ شرف العائلة" و"سوء السمعة" التي أصبحت كافية لحسم مصائر فتيات بالقتل المتعمد لن تقف عند هذا الحد. وبهذا الشأن يؤكد نائب المركز الستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق حازم الرديني أن "غياب العقوبات الصارمة والوقوف بوجه حالات العنف وجرائم القتل واحدٌ من أهم أسباب شيوع هذه الظاهرة ". ويتابع: نواجه حالة من الفوضى لاسيما أن قانون العقوبات العراقي لا يقف بوجه جرائم الشرف والقتل تحت ذريعة غسل العار. الفوضى السائدة وعدم وجود قانون لا يضعان حدوداً لتلك الانتهاكات، وأن تكون الفئات المعنفة محمية بالقانون أدت إلى تصاعد حالات العنف الأسري، وأسهمت بشكل كبير في تفكك الأسر مع تنصل من المسؤوليات العائلية، من قبل الآباء والأمهات والزوجات، "وهذا ما يدعوننا كمنظمات مجتمع مدني للتعاون من الجهات الحكومية والاكاديمية، لوضع خُطط تمكننا من تحجيم هذه الظاهرة بأسرع وقت ممكن"، وفقاً لتعبيره. ويبدو أن غياب الدولة المدنية وسيطرة المجتمع القبلي العشائري سببان رئيسان في شيوع هذه الظاهرة، وفي وقت سابق تداولت محركات البحث ومنصات التواصل الاجتماعي حالات القتل بدوافع الشرف، وكان اخرها مقتل "البلوغر" طيبة العلي خنقاً على يد والدها في أول فبراير/ شباط ما سبب تصاعد الأصوات الرافضة لهذه الممارسات بحق الفتيات، إقامة وقفة احتجاجية أمام محكمة الكرخ في بغداد، للمطالبة بالقصاص العادل بحق قتلة طيبة والأخريات اللواتي لن يسمع عنهن أحد.
ليلى حقوقية تعمل ناشطة مدنية تلقي اللوم على تهاون الجهات التشريعية والتنفيذية في معالجة هذه الظاهرة، التي باتت تكشف عن الهوة العميقة بين الجيل الجديد والقديم، خاصة في غياب التعليم والتراجع الحضري وتسيد مبادئ الصحراء.
وترى ليلى أن ما يجري في العراق وحتى في كردستان يدعو إلى الخوف وليس القلق، وأن العراق تراجع قروناً عدة بسبب هذه الممارسات الهمجية.