بغداد : رغد دحام
بقرارٍ مدوٍ، أوقف البنك المركزي "تهاوي الدينار" في الأسواق المحلية، بعد الارتفاع الجنوني الذي شهدته أسعار الصرف خلال الأسابيع الماضية والذي تجاوز الـ170 ألف دينار لــ100 دولار.
وسجلت البورصة الرئيسية في بغداد انهياراً سريعاً بسعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي حيث اغلقت الأسعار يوم أمس الأربعاء على 144 ألف دينار للمئة دولار، بعد موافقة مجلس الوزراء على مقترح المركزي بتعديل سعر الصرف الرسمي إلى 130 ألف دينار مقابل فئة 100 دولار.
ويؤكد مختصون في الشأن الاقتصادي أنَّ "هذا التعديل الجديد بسعر الصرف، يتطلب تعديلات أخرى بأرقام الموازنة خصوصاً في الجانب الاستثماري"، فيما يرى آخرون أنَّ ذلك سيرفع العجز في الموازنة العامة.
وذكر الخبير الاقتصادي رشيد السعدي لـ "الصباح"، أنَّ "قانون الموازنة سيشهد تعديلات لسعر برميل النفط أيضاً، وسيكون هناك تغيير في الأرقام الخاصة بالموازنة الاستثمارية والتشغيلية والتي ستنعكس ايجابياً على انتعاش الاقتصاد بشكل واضح".
وأضاف السعدي أنه "يجب أن يكون هناك دعم للقطاع الخاص والزراعي والصناعي للاستفادة منه بعيداً عن التأثر بأسعار الصرف"، مشيراً إلى أنّ "هناك مجموعة من العوامل تؤثر بقانون الموازنة وتؤخر إرسالها".
وأشار إلى أنَّ "من أبرز تلك العوامل تغيير سعر الصرف والتي ستتطلب إعادة النظر فيها والخلافات مع إقليم كردستان وقرارات المحكمة الاتحادية فضلاً عن تداعيات مطالبة الفيدرالي الأميركي بتطبيق نظام سويفت".
ويقول الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي: إنَّ "الإجراء الأخير الذي اتخذته الحكومة لتحسين الدينار العراقي أمام الدولار هو جزء من ستراتيجية لمواجهة التضخم ومن ثم انخفاض أسعار السلع المستوردة، إلا أنه يعتبر إجراءً خطيراً بنفس الوقت لأنَّ هناك كلفاً مباشرة سيتم دفعها مقابل تحسين سعر صرف العملة الوطنية".
وتابع أنَّ "أحد العوامل التي ستنعكس سلباً هو تخفيض الإيرادات الحكومية المقومة بالدينار العراقي يعني الكلف المباشرة والتي ستكون بحدود 15 ترليون دينار سنوياً تضاف إلى العجز والذي سيمول بالاقتراض الخارجي فتزداد المديونية ".
وأضاف أنَّ "القرار من شأنه أيضاً أن يؤثر في التجارة الخارجية والصادرات ويخلق مشكلة في تضارب المراكز المالية ويؤثر في الطبيعة الاستثمارية، كما أنَّ الأسعار من الصعوبة أن تنخفض عندما ترتفع".
ويرى المرسومي أيضاً، أنَّ "هذا الإجراء اتخذ لأسباب ليست اقتصادية وإنما سياسية وهو ينسجم مع أسلوب الدولة الريعي لكسب رضا الناس".
وبهدف مواجهة أزمة أسعار الصرف، التقى محافظ البنك المركزي علي العلاق والوفد المرافق له، خلال الأيام الثلاثة الماضية، في تركيا، مساعد وزير الخزانة الأميركية براين نيلسون، لمناقشة تداعيات أزمة الدولار وانعكاساتها على الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
ورحبت وزارة الخزانة الأميركية، بجهود البنك المركزي العراقي بشأن إصلاحات القطاع المصرفي فضلاً عن الالتزام بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
من جانبها أكدت اللجنة المالية النيابية أنه يجب مراعاة موضوع تغيير سعر صرف الدولار في الموازنة لأنَّ العراق يبيع النفط بالدولار وتكون الانفاقات بالدينار العراقي مما سيحدث فرقاً كبيراً في الموازنة.
وقال عضو اللجنة مصطفى الكرعاوي لـ"الصباح": إنَّ "من الضروري أن تراعي الحكومة هذه النقطة في اختلاف أسعار الصرف"، مشيراً إلى "ضرورة مراعاة موضوع تفعيل القطاعات الأخرى والواردات غير النفطية".
واستدرك أنه "كان من المفترض أن يتم إرسال الموازنة خلال الأيام الـ١٠ المقبلة، إلا انه بعد قرار تغيير سعر الصرف ستحتاج إلى وقت أكبر وإعادة النظر في جميع الموازنات الاستثمارية أو التشغيلية، فيجب أن يكون هناك تقييم للكلف في الموازنة قبل إرسالها، مما يشير إلى تأخر إقرارها".