بدور العامري تصوير: خضيرالعتابي
بملامحه البريئة التي ظهر عليها الشعور بالمسؤولية تجاه دوره كطبيب طوارئ، هرع يزن مع مجموعة من الأطفال لمساعدة المصاب (الدمية)، بينما انهمكت رهف ذات الثمانية أعوام بتوجيه مجموعتها حول كيفية رص الطابوق المصنوع من مادة الفلين لتشييد بناية كبيرة باعتبارها المهندس المشرف على المشروع، وغيرها من المشاهد لمهن ووظائف متنوعة، نالت استحسان وإعجاب الكبار قبل الصغار، باعتبارها من الألعاب التي جمعت الأهداف الترفيهية والتعليمية الفكرية والحركية في آن واحد.
بتصاميم مميزة للبنايات مع أدوات وأزياء محببة تميزت بها كل مهنة، استطاع القائمون على هذا المشروع تقديم الألعاب بأجواء قريبة من الواقع، كما هو الحال في استخدام سيارة إطفاء الحرائق أو نشر دورية الشرطة في مكان الحادث، إذ تحدثت الشابة طيبة داخل العاملة في هذا المشروع عن تجربتها مع الأسر والأطفال الذين كانوا مرحبين بالفكرة ومضمونها، إذ وجدوا فيها متنفساً جيداً للترفيه عن أولادهم، كما تعمل هذه الألعاب على تنمية روح الابتكار وتشجيع الطموح لدى الأطفال، فضلاً عن تسليط الضوء على الجوانب الثقافية والتراثية والإبداعية، مثل ألعاب البحث عن الآثار والأعمال اليدوية والرسم والموسيقى والمسرح.
من جانبها أثنت المواطنة ناهدة السراي (45)عاماً على هكذا نوع من الألعاب، وهي أم لثلاثة أطفال، واصفة إياها بالأفضل من بين أنواع الألعاب، كونها تنمي روح العمل الجماعي والخوض في تفاصيل مهمة وجميلة لكل مهنة يرغب الطفل بها في المستقبل، السراي دعت الجهات المعنية إلى زيادة المرافق التعليمية والترفيهية ذات النواحي الإنتاجية، علماً أن هذه الألعاب تعتمد أسلوب المكافأة والمقابل المادي، بعد إتمام الطفل (الموظف) لمهمته عن طريق عملة رمزية خاصة تمكنه من شراء لعب ودمى معينة أو الاشتراك والتمتع بالترفيه بألعاب أخرى.
البيئة الاجتماعيَّة
للتنشئة الاجتماعية في بيئة معينة دور أساسي في تحديد سلوك الأطفال، كطريقة اللعب ونوعه، وبحسب الباحث الاجتماعي ولي الخفاجي فإن البيئة الخاصة بلعب الأطفال سابقاً تختلف عن ما هو موجود الآن، باعتبارها محدودة ومسيطر عليها مثل اللعب في مجموعات داخل الأزقة أو مع أبناء الأقارب داخل المنزل الواحد، كذلك الحال بالنسبة لوسائل الإعلام فقد كانت هناك قناة تلفزيونية واحدة أو اثنتان، ومجلة واحدة خاصة بالأطفال، وأوضح الخفاجي أن ما يميز ألعاب الأطفال سابقاً هو الحركة واللعب الجماعي، سواء كان ما يخص ألعاب البنات او الأولاد، على عكس ألعاب الأطفال في الوقت الحاضر، التي تتسم بالفردية والانعزال أمام شاشات الأجهزة الذكية التي جاءت نتيجة الثورة التكنولوجية التي بدورها أفرزت الانفتاح الإعلامي والثقافي المتمثل بشبكة الإنترنت وبرامج التواصل الاجتماعي بمختلف مسمياتها، ما اسهم بتعدد البيئات الاجتماعية وبالتالي صعوبة التحكم بمخرجاتها وتأثيرها في الأطفال، واستدرك الخفاجي "على الرغم من تعدد الخيارات التي توفرها الأجهزة الحديثة من ألعاب الأطفال، إلا أن زمام الأمور لا بد أن يبقى بيد الآباء والأمهات، عن طريق متابعة أطفالهم ومشاركتهم في اختيار الألعاب المفيدة، مثل بعض تطبيقات ألعاب الذكاء والمسابقات التي تقدمها بعض البرامج على شبكات التواصل الاجتماعي، وضرورة الابتعاد عن الألعاب التي تتضمن مفاهيم منافية للعادات والقيم الأخلاقية لمجتمعنا، مثل تلك التي تروج لقضايا الإلحاد والعنف وإفساد الأجيال القادمة".
قلق وتوتر
هناك مدارس علم نفس كثيرة ناقشت قضايا لعب الأطفال، ومنها الفرويدية التي رأت أن الألعاب عامل مساعد في تخفيف التوتر والقلق اللذين قد يعاني منهما الطفل، وتعتقد هذه المدرسة أن الطفل بمقدوره التخلص من مخاوفه وقلقه عندما يلعب مع أقرانه، ويقوم بتفريغ الشحنات الزائدة لديه.
يحتاج الأطفال بصورة عامة إلى خوض مختلف التجارب التنموية والترفيهية للحصول على مستوى طبيعي من النمو والتطور خلال مراحل الحياة، كما يعتقد مدرب النطق والسلوك حمزة منير أن هذه الحاجة تتضاعف لدى الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة لأسباب منها أن هذه الأنشطة والممارسات تمثل تغييراً من الروتين اليومي الممل بالنسبة للطفل، إذ تقام في أماكن واسعة وفضاء مفتوح، كما تعمل الألعاب الجماعية على تفريغ الطاقة الكبيرة لدى هؤلاء الأطفال، خاصة من يعانون من فرط الحركة، مثل لعبة كرة القدم أو مسابقات الركض وغيرها، وتابع حمزة: في ما يخص أهمية الألعاب الحركية في مراكز العلاج السلوكي لذوي الاحتياجات الخاصة، باعتبار الجانب الترفيهي جزءاً لا يتجزأ من البرنامج العلاجي، الذي عن طريقه يمكن تحقيق أفضل النتائج بأقل وقت، مستنداً في رأيه هذا إلى حقيقة علمية مفادها أن الألعاب الجماعية تقوم على أساس التفاعل والتشجيع على التركيز، وبالتالي تدعم مهارة التواصل مع الآخرين، فضلاً عن التطبيق العملي ومعايشة الطفل للنشاط، في ما يخص تنفيذ الأوامر وتحديد أماكن اللعب وتسمية الخطوات
وغيرها.