طوكيو: وكالات
طوّر فريق من الباحثين اليابانيين مركباً اصطناعياً يُمكن أن يعمل كترياق لسموم الحريق، في إنجاز علمي كبير نُشرت تفاصيله في دورية وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم. ويُعد ذلك الترياق، الأول من نوعه في التاريخ لعلاج الآثار الناجمة عن استنشاق أدخنة الحريق السامة، والتي تُسبب الوفاة في معظم الأحيان.
تتعرض الكثير من المباني والمنشآت والغابات حول العالم للحرائق، التي ينجم عنها آلاف الوفيات سنوياً، إلا أن معظم حالات الوفاة جراء الحرائق ليست بسبب الحروق، ولكن بسبب استنشاق دخان الحريق المميت، بسبب احتوائه على جسيمات صغيرة جداً غير محترقة أو محترقة جزئياً، بحيث تخترق المرشحات الواقية للجهاز التنفسي وتستقر في الرئتين. بعض تلك الجسيمات يعد ساماً للغاية، ويُسبب الوفاة في غضون ثوان معدودة.
أما السبب الأكثر شيوعاً، فهو استنشاق الغازات السامة مثل أول أكسيد الكربون الذي يُعد السبب الأكثر شيوعاً للوفاة، وسيانيد الهيدروجين الناتج عن احتراق المواد البلاستيكية والذي يتداخل مع التنفس الخلوي. وبمجرد استنشاق تلك الغازات، ترتبط بقوة بالهيموجلوبين والسيتوكرومات وهي مركبات بروتينية نشطة تحتوي على الحديد المعروف باسم "الهيمات"، وتمنع التنفس الطبيعي.
ويُعتقد أنه بمجرد تعرض الفرد لهذه الغازات التي تهدد الحياة، فإنه من المستحيل إزالتها بشكل فعال من
الجسم.
مركّبات الحديد
وفي الوقت الحالي، لا يوجد نهج علاجي متاح للتغلب على التسمم المتزامن بأول أكسيد الكربون وسيانيد الهيدروجين، وهو أمر يُشكل تحدياً كبيراً في إنقاذ حياة الأشخاص المعرضين للغازات السامة في حرائق المباني. والترياق الجديد مشتق من الهيم - مركبات الحديد- ويسمى "HEMOCD-TWINS".
ويُمكن للترياق الجديد التقاط أول أكسيد الكربون ومركبات سيانيد الهيدروجين من الدم، وعزلها بطريقة فعالة للغاية.
وتمت تجربة الترياق الجديد على الفئران. ويقول باحثون إن ذلك المركب أدى لحماية 85 % من الفئران المُسممة بأدخنة الحريق من الموت؛ كما رفع معدلات الشفاء السريع لتلك الفئران. أظهر الترياق أيضاً سمية منخفضة جداً، كما يُمكن أن يخرج سريعاً من الجسم عن طريق إفرازات البول. بالإضافة إلى ذلك، كان للترياق تأثير مضاد فوري للتسمم، ودرجة عالية من الأمان، واستقرار كيميائي للتخزين، ما سيسهم في تسهيل عمليات شحنه إلى دول العالم. وبحسب ما يقوله الباحثون، سيحد الترياق المذكور من الضرر الناجم عن التسمم بالغاز الناجم عن الحرائق المفاجئة، ويمكن اختباره لعلاج الأعراض المختلفة الناجمة عن التسمم بالغاز. ويتوقع الباحثون الانتهاء من مختلف التجارب السريرية وغير السريرية في غضون 5 إلى 10 سنوات من الآن.
وفي حال إثبات جدوى الترياق في التجارب السريرية، يأمل الباحثون دمجه كوسيلة علاجية في سيارات الإسعاف ومستشفيات الطوارئ والمرافق الأخرى.