علي غني
تصوير مصطفى الجيزاني
بعد أن غادرنا جائحة كورونا السيئة الصيت ربما بأقل الخسائر، علينا أن نكون متأهبين اليوم لظروف أخرى قد نمر بها، لذلك علينا أن نضع خططاً ونتجه إلى الثوابت المهمة في العملية التعليمية، ونؤسس لدرس اسمه(مبادئ التعليم الالكتروني ) ليشمل جميع المراحل الدراسية يتعلمه الطلبة ومدرسوهم على حد سواء، فهل سننجح بذلك؟.
رؤى جديدة
يرى مدير (التعليمين الإلكتروني وعن بعد) في وزارة التربية حيدر جندي عبد، أن العالم اليوم وبعد التجارب المريرة التي عاشها في ظل الجائحة، أخذ يركز على خطوات تطويرية وتفعيلية للتعليم الإلكتروني ومع وجود أكثر من (13) مليوناً ونصف المليون طالب، وبزيادة سنوية مقدارها (50) ألف طالب نتيجة لزيادة سكان العراق، فلا بد أن تولي الجهات المختصة لهذا الأمر اهتماماً مع مراعاة الاختلاف في المستويات الثقافية والاجتماعية لكل واحد منهم، ويعتقد عبد أن البلاد اليوم بأمس الحاجة إلى هذا الدرس ولا بد من تدريب المعلمين والمدرسين عليه، على أن تكون وسائل الإعلام ساندة لهذا المشروع الحيوي والمهم.
بنى تحتية
يوضح التربوي ناجي يوسف أن العراق يعاني من فقر وتدهور، في البنى التحتية، خصوصاً تلك المتعلقة بالتعليم الإلكتروني، ومنها الضعف الواضح في توفير الطاقة الكهربائية بشكل مستمر، فضلاً عن الجودة السيئة للبث الإلكتروني، الذي يفتقر إلى الوصول لجميع مناطق البلاد وعدم تمتع أغلب الملاكات التدريسية بالثقافة الإلكترونية واستخدام الحاسوب، وتابع يوسف الحديث قائلاً: "إن التعليم الإلكتروني سند قوي وفاعل لمن يريد أن يتطور، و يتعلم إلا أن الجهات المسؤولة عن هذه الآلية أي وزارتي التربية و التعليم العالي تعانيان كثيراً، من تنفيذ مشروعهما الالكتروني هذا بسبب ضعف البنى التحتية وقلة الثقافة الالكترونية، وبما أن الوزارتين معنيتان بمنح شهادة للدارس والمتعلم بهذا الأسلوب، فإن يوسف يعتقد أنهما لا تستخدمان الآلية الصحيحة في كيفية إجراء الاختبارات حتى الآن، إذ لا توجد تعليمات حقيقية لضبط الامتحانات إلكترونياً في المدارس التي ما زالت تتبع هذا النهج.
رقابة علميَّة
في جولة بأروقة التلفاز التربوي وبرفقة مديره عباس كريم، وجدنا العمل مستمراً من أجل توفير المعلومة للطالب وبطرق علمية مبتكرة، وليس هذا وحسب بل يعمل التلفاز من خلال ملاكاته على تقديم المعلومات المتنوعة وطرائق التدريس الحديثة للمعلمين والمدرسين، الذين يتابعون التلفاز وما يعرض عليه بشكل مستمر، علماً أن كل ما يطرح هو تحت الإشراف التربوي والعلمي والفني مع ضمان طرح المواضيع والمناهج الدراسية، بشكل متساوٍ بين التلفاز ومدارس البلاد كي يحصل الطالب والمدرس على أقصى استفادة ممكنة.
ويلفت كريم إلى وجود فقرة تعرف بـ (بنك الأسئلة)، وهي بمثابة عامل مساعد للطالب، إذ تطرح عليه أسئلة ومن ثم أجوبة نموذجية، وقد أثبتت التجربة نجاحها.
ويعتقد المهندس المعماري حيدر الكفيشي أن التعليم الالكتروني أخذ يفرض نفسه بقوة اليوم في العالم أجمع، ولأن التعليم الحضوري في البلاد شهد انحداراً واضحاً في الفترات المنصرمة، فإن نظيره الالكتروني قد يكون قادراً على مساعدته بطريقة أو أخرى، وهذا ينطبق على مراحل التعليم الأولي، إذ ستكون الفرصة مواتية لتطويره ليكون مدمجاً بشرط تطوير الملاكات التعليمية، لتستطيع التعامل مع النظام المتطور الذي يوفره التعليم الالكتروني و بشكل مثمر وتمكين جميع الطلبة من أدوات هذا النوع من التعليم.
تجارب ناجحة
يطلق ذوو الاختصاص على التعليم الالكتروني اسم الافتراضي، فهو يستند إلى مجموعة من الوسائط الالكترونية في الاتصال، إذ يستقبل الطالب المعلومات ومن المفترض أن يكتسب مهارات متنوعة عن طريق هذا النوع من التعليم، ويجب أن يكون هناك تفاعل ناجح ومثمر بين الطالب والمعلم، ولأن هذا النوع من التعليم يعتمد على وجود شبكات الانترنت والمعلومات والاتصالات، لذلك لا بد من توفر بنى تحتية جيدة. ومن الجدير بالذكر أن هناك دولاً متعددة بدأت تجربتها الالكترونية منذ تسعينيات القرن الماضي ومنها اليابان التي ابتدأت تجربتها عام 1994، عن طريق مشروع شبكة تلفازية تبث مجموعة من الدروس بواسطة أشرطة فيديوية بطلب من المدارس، أما بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية فقد تبين بإحدى الإحصائيات أنها في عام 1993، وزعت أجهزة إلكترونية وتمت تغطية 98 بالمئة من المدارس آنذاك بهذه الأجهزة، أما ماليزيا ففي عام 1996 وضعت خطة شاملة أدخلت الحاسوب الآلي وشبكات الانترنت لكل صف، وأطلق على هذه المدارس مصطلح (الذكية)، في حين كانت التجربة الأسترالية أكثر وضوحاً، إذ أجبرت وزارة التربية والتعليم، المعلمين غير الراغبين بالانخراط بهذه التجربة على التقاعد. ومن التجارب الناجحة الأخرى تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة التي بدأت بوضع حجر الأساس لهذا التعليم، منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي واستمرت بنجاح، إذ كانت تضع خططاً ودراسات لإنجاح هذه التجربة، وهذا بالفعل ما تحقق لاحقاً، ومن الدول الأخرى التي نجحت في التعليم الالكتروني، هي سلطنة عمان التي جعلت هذا النوع من التعليم أساسياً للصفوف الأولية، إذ كانت تركز على تعليم مهارات الحاسوب لطلبة المدارس بهدف إنجاح هذه التجربة المهمة والمتطورة.
ستراتيجية جديدة
توضح التدريسية هدى راضي في ثانوية الشروق الأهلية للبنين، أن اللجوء للتعليم الالكتروني تم من أجل ضمان التواصل مع الطلبة، أثناء جائحة كورونا، ولكن استمراريته تحتاج إلى ستراتيجية وتوفير أجهزة إلكترونية حديثة ومتطورة، ومن الجدير بالذكر أن هناك العديد من المعوقات التي تعترض هذا المشروع، منها ضعف شبكة الانترنت وانقطاع التيار الكهربائي خلال فترة بث أو إرسال المحاضرات، وعدم توفر جهاز الهاتف أو الحاسوب الخاص لبعض الطلبة وتغيب بعضهم عن موعد الدرس وعدم الالتزام بوقت المحاضرة، منوهة بأن التعليم الالكتروني ساعد على بروز مواهب لدى الطلبة، منها تميزهم باستخدام أدوات التكنولوجيا الحديثة، ولكن تعتقد راضي أن التعليم الحضوري هو الأكثر نفعاً للطالب، لضمان وجود عملية التفاعل، لكن إن كانت هناك نية لدمج التعليمين الحضوري والالكتروني، فلا بد من وضع الأسس الصحيحة لهذا الأمر.