مجلس أعلى للسياسات الاقتصاديَّة

آراء 2023/02/28
...





  د. علي كريم خضير

من الحقول التخصصية المهمة في الفهم والإدراك هو الحقل الإقتصادي، فالعمل فيه يحتاج إلى خبرة علمية وعملية كفيلتين بضمان الحفاظ على الإدارة المنهجية الصحيحة في التعامل مع المعطيات والظروف الاقتصادية لا سيَّما الطارئة منها.

وقد شهدت السنوات الماضية والمرحلة الحالية كثيرا من التقلبات الاقتصادية التي كان ضحيتها المواطن البسيط، أو ذوي الدخول المحدودة على وجه الدقة، في الوقت الذي كانت فيه هذه الوقائع فرصة ذهبية للمتحكمين في السوق من التُّجار من أجل الإمعان في جَلْدِ المواطن، واستنزاف قواه الخائرة بفعل جشعهم وطمعهم الذي (بلغ فيه السِّيل الزُّبى) كما يقال. 

وإذا كانت هذه القوى الناعمة من بين العوامل، التي وضعت أمام الحكومات جملةً من الإشكاليات والعراقيل في حلحلة الأزمات الاقتصادية التي شهدها العراق، وأنَّ التعامل معها أصبح من التحديات الأساسية في فرض السياسة العقلانية المطروحة من قبل الدولة في السوق المحلية، وتبسيط الاجراءات الحكومية عملياً في التنفيذ، يضاف إلى ذلك ماجُبلتْ عليه طبيعة هذه الفئات المجرَّبة المعتاشة على هذه الاضطرابات والمضاربات في السوق، من دون أي تفكير انساني بما يعاني منه المواطن من إجهاد كبير بسبب تغير صرف العملة، أو نقص المواد الغذائية، أو تزايد الطلب عليها في بعض الأحيان حيث أصبح أمرهم واضحاً للقاصي والداني، ومكشوفاً للعلن.

ما يُعطي لنا - بالمحصلة - قناعة مؤكَّدة أنَّ هولاء يحتاجون إلى ضبط شديد في إيقاع عملهم، وأجد أنَّ الدعوات المتكررة من بعض الاقتصاديين في القطاع الخاص في دعم هذه الشريحة لم تكن في محلها، إذا ما علمنا بأنَّ بعضاً من مُطلقي هذه الصيحات هم من ذات الشريحة التي أخفقت وتخفق يومياً في التعاطي مع الأزمات الإقتصادية للبلد كافة.

 وليس عسيراً على الحكومة أبداً ايجاد هذا الإيقاع المحدِّد في العمل، إذا ماشكَّلت مجلساً أعلى للسياسات الاقتصادية يضم نخبة مختارة من ذوي الاختصاص الدقيق في الجامعات العراقية والمنظمات الاقتصادية الحكومية وكبار التجار، الذين أثبتوا وطنيتهم في الظروف الصعبة، هذا فضلاً عن الوزراء المختصين من التخطيط والمالية والتجارة والزراعة، والنقل والداخلية والمخابرات والأمن الوطني، كذلك البنك المركزي العراقي وهيأة النزاهة ويرأس هذا المجلس دولة رئيس مجلس الوزراء وتكون اجتماعات هذا المجلس دورية في كل شهر يقدم فيه كل ذي شأن من المجتمعين تقريره الخاص من أجل تدارس الوضع الإقتصادي في البلد الآني والمستقبلي ووضع الخطط اللازمة، لتدراك أية مستجدات محتملة، للسيطرة عليها في الوقت المناسب، وقطع الطريق أمام أصحاب النفوس الضعيفة من التحكُّم بمقدرات البلاد والعباد.