سعد العبيدي
أدركت الدولة العراقية، أو مؤسساتها الضابطة شيوع مواضيع ومقالات وتسجيلات وأفلام في وسائل التواصل الاجتماعي، والاعلام ذات مضمون عرفته بالمستوى الهابط، قبل أن تضع توصيفات ومعايير للهبوط، واتجهت وزارة الداخلية كأداة ضابطة في يد الدولة إلى اتخاذ إجراءات عقابية بالضد من المعنين بنشر المستويات الهابطة، وإحالة قسم منهم إلى المحاكم التي كانت مستعدة لحسم قضاياهم سريعاً
والحكم فيها مدد بالسجن مختلفة، استعداداً يبدو وكأنه يفوق كل الاستعدادات لمحاكمة الفساد والجريمة وقضايا أخرى تنهش في جسم المجتمع الواهي، وقد يكون هناك بعض الحق للداخلية التي تبنت الموضوع، وأخذت على عاتقها شن الحرب على المستوى الهابط نتيجة لتحسسها احتمالات انتشاره، وبما ينعكس سلباً على الآراء والأفكار والقيم الضابطة، لكن تجارب العراق وباقي شعوب العالم في حروب المكافحة والحماية الاجتماعية والنفسية، تؤكد أن شن الحرب على هكذا مخالفات وجرائم لا يستوي أمرها، وتحل ألغازها بتوجيه العقاب والتنكيل ودعاوى الفضيلة وحدها، لأن الموضوع أكبر منها جميعاً، ولأن المستوى الهابط للمضمون في العراق لم يأت بالصدفة، ولا من الانفتاح على الهابط في باقي دول العالم، أو التأثر بحرية النشر غير المحدودة، بل هو سلوك وحال نفسية تكوّنت من تفاعل عوامل الشخصية مع متغيرات عديدة بينها مساعي الردة في إدارة الدولة والمجتمع إلى الماضي المتخلف، وتكرار اختيار ذوي المستوى الهابط في الأداء لمناصب الدولة والمجتمع، ومساعي الانغلاق وعدم الانفتاح على ما يجري من تطور ثقافي في العالم، وتوجهات التكميم وعدم فسح المجال إلى العقل لمناقشة بعض الأفكار والمعتقدات، التي علقت في السلوك الجمعي بعدها مقدسات غير قابلة إلى النقاش منطقياً، وأسباب أخرى تقتضي الضرورة دراستها جيداً والقرار على السبل المناسبة لمكافحة الهابط، وبعكسه سنجد أنفسنا أمام موجة تعامل عابرة، قد تنتج المغالاة في تطبيقها معضلة أخرى ذات طابع اجتماعي آخر تسهم في هدم أركان المجتمع غير الرصينة.