سيف ضياء
البعد الاجتماعي: تمثل الزراعة أساس خطة أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 والخطوة الأساسية الأولى لتحقيق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر المدقع والجوع، حيث إن من أولويات هذا البعد هو الحد من الفقر، الذي يشكل تهديداً للاستقرار الاجتماعي، إذ إن الفقر قد ينشأ من التوزيع غير العادل وغير المتكافئ للموارد والارض والاصول الاخرى، لذلك فإن الحوكمة ومن خلال أبعادها المتمثلة بالمساءلة والتشاركية والمساوة.... إلخ يمكن أن تصل بنا إلى الاستخدام الأمثل للزراعة والحد من الفقر، لأن نسبة عالية من الفقراء يعتمدون على الزراعة، ومن الطبيعي أن الأداء الجيد ستصاحبه زيادة في الانتاج الغذائي وزيادة في ايجاد فرص عمل جديدة، وبالتالي الانفاق على السلع الاستهلاكية، كما أن التقرير النهائي لقمة الارض في جوهانسبرغ أوضح طبيعة العلاقة بين أهداف البعد الاجتماعي والنشاطات الزراعية وأشار إلى أنها تتمثل بمجالات عدة وهي (المياه وتأمينها لأغلبية الفقراء لغرض الاستخدام المنزلي والزراعي، الغذاء من خلال تحسين انتاج المزارع الصغيرة وضمان الأمن الغذائي، الدخل من خلال تشجيع ودعم المشاريع الصغيرة وخلق الوظائف لاغلب الفقراء، السكن والخدمات من خلال ضمان الحصول على سكن مناسب وبكلفة مناسبة وتحسين الصرف الصحي وطرق النقل للأغلبية
الفقيرة).
البعد الاقتصادي: إن التنمية المستدامة من وجهة نظر اقتصادية تهدف إلى تحسين مستوى رفاه الانسان بالنظر إلى نصيبه من السلع الغذائية والخدمات، المتمثلة بالسكن والتعليم والنقل والصحة وغيرها ولهذا فإن النظام الاقتصادي يجب أن يكون مستداماً وقادراً على إنتاج السلع والخدمات وعلى اساس مستمر ضمن مستويات انتاجية يمكن التحكم بها، أما في ما يخص العلاقة بالنشاط الزراعي فإن الناحية الاقتصادية تنظر إلى التنمية المستدامة بأنها عملية دمج الموارد الطبيعية، مثل الغابات ومصايد الأسماك والمياه والبيئة بشكل عام، حيث إن الاماكن التي تشهد تدهورا في رأس المال الطبيعي ومنها (انجراف التربة، وازالة الغابات ونضوب المياه وغيرها) وهو ما يرجع إلى ضعف الاستثمار في رأس المال البشري والصناعي الموجه إلى تحسين الانتاج الزراعي وزيادته، جراء عدم تفعيل أبعاد الحكم الرشيد، ما ينعكس سلباً على التنمية المستدامة ويؤدي إلى عدم الاستقرار المجتمعي، كما هو الحال في افريقيا مما يحد من قدرة الأجيال الحالية والقادمة على تلبية احتياجاتها، وبما أن الزراعة تسهم في الناتج المحلي والاجمالي لأي بلد، وهي مصدر مهم من مصادر جذب الاستثمار، فإن حوكمة هذا القطاع ووضع أطر قانونية، فضلاً عن تخصيص الموارد بكفاءة للاستفادة منها ستساعد على تحقيق العائد الاقتصادي، الذي يحد أو يقضي على الفقر وبالتالي يؤثر إيجاباً في التنمية المستدامة وتساعد أيضاً على بناء الامن
المجتمعي.
اما البعد البيئي: فسيسهم في حفاظ التنوع البايلوجي ومكافحة التصحر وزيادة مساحة الأرض الصالحة باعتبار ان التنمية الزراعية والريفية الواسعة النطاق تساعد على الحد من التعرض للصدمات المناخية والتأثر بها وتمكين المزارعين من الاستفادة من الفرص الجديدة لتحسين السبل المعاشية والامن الغذائي في المناطق الريفية، وبذلك فإن أبعاد الحكم الرشيد سيكون لها انعكاس ايجابي على هذا القطاع حيث ان للتنوع البيولوجي الزراعي، الذي يتكون من الحيوانات والنباتات والكائنات الدقيقة ذات الصلة بالزراعة دوراً أساسياً في تنظيم الخدمات الاساسية للنظام البيئي، ومثال على ذلك المحافظة على المياه وتحليل النفايات ومكافحة تآكل التربة والوقاية من الفيضانات وامتصاص الكاربون وغيره من امور.
ومن خلال ما تقدم يمكن القول إن لإبعاد الحكم الرشيد تأثيرا بالغا على القطاع الزراعي.