الإنترنت المدعوم والشركات «الحاكمة»

آراء 2023/03/02
...



 أحمد حسين

كثيرة هي مفاجآت حكومة السيد محمد شياع السوداني، وأكثرها تفاعلاً مع العراقيين هي إلغاء الضريبة «الظالمة»، التي فرضتها دون وجه حق حكومة «التقشف الافتراضي»، والتي كان من المفترض أنها ضريبة على شركات الهاتف النقال وخدمة الأنترنت، لكنها تحولت بقدرة «فاسد» إلى ضريبة على المواطن و»تغاضت» عنها الحكومات اللاحقة.

ثم خرجت إلينا السيدة وزيرة الاتصالات هيام الياسري بقرار خدمة الأنترنت المدعوم والعمل به، بدءا من شهر شباط الماضي، قلت في نفسي: «ما الذي تخبئه لنا هذه الشركات من عقوبات؟».

وفعلاً لم أكن مخطئاً في حدسي، فمنذ الأول من الشهر الجاري تراجعت خدمة الأنترنت إلى مستوى سيئ جداً وأكثر سوءاً، مما كانت عليه في الفترة الماضية بشكل يهدد عمل الصحفيين عن بعد - أونلاين- وكذلك المواطنون الذين يعتمد قوتهم اليومي على الإنترنت، الذي وفّر لهم فرصاً لبيع منتجاتهم وتجارتهم على بساطتها، ما يعني أن هناك شرائح اجتماعية أرزاقها مهددة بسبب تدني خدمة 

الأنترنت.

السيد السوداني، السيدة الياسري، حين تتخذ الحكومة قراراً يهدد مصالح ومنافع المنتفعين والشركات «الحاكمة» لابد أن تكون هناك إجراءات رقابية رادعة، من أجل تطبيق ونفاذ سلطة الدولة، فما هي إجراءاتكم لردع «جشع» شركات الموبايل والأنترنت لتقديم خدمات أفضل، أو على أقل تقدير للحفاظ على الخدمات ما قبل شهر شباط الماضي «الأسود»؟!.

هل تعلمان يا سيادة رئيس الوزراء ومعالي الوزيرة أن شركات الهاتف النقال والأنترنت، لم ترسل رسالة واحدة للمشتركين معها تبلغهم بمباشرتها بتقديم خدمة الأنترنت المدعوم وتخيرهم بين الخدمة الاستنزافية السيئة السابقة وبين الخدمة المدعومة، هل تعلمين يا معالي الوزيرة أن الشركات لم تمتنع فقط عن إرسال هذه الرسالة الواجب إرسالها، بل إنها عمدت إلى خفض مستوى خدماتها السابقة لكي تخلق رد فعل سلبي لدى المشتركين من الخدمة الجديدة، شركات الأنترنت يا سيادة الوزيرة «تتمرد» على الحكومة والدولة، ولا بدَّ من إجراء صارم تجاهها ليس فقط لتقديم خدمات أفضل بل لإثبات أن الدولة هي الحاكمة وليست الشركات، السكوت عن هذا الابتزاز سينعكس سلباً على حكومة السوداني ولربما يعيد المعادلة السابقة التي تراجعت نوعاً ما، ألا وهي معادلة عدم الثقة بالحكومة؟!.

السيد السوداني، السيدة الياسري، وضعتما نفسكما في اختبار صعب، فأما أن تجتازاه بنجاح أو يودي بكما إلى فخ الشركات والفاسدين، الخيار 

لكما.